على وقع التحضير لانعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل في القصر الجمهوري، يبرز حراك دولي أميركي وفرنسي تجاه لبنان يزيد من التحليلات بشأن المشهد في الداخل اللبناني، الذي يترقّب مضمون خطة الجيش لحصر السلاح، وما إذا كانت ستُقرّ سقفاً زمنياً، لإنهاء الملف، قُبيل نهاية العام الجاري، أم أن المقررات ستكون رمادية، لكسب مزيدٍ من الوقت، وتجنيب البلاد أي سيناريو أمني داخلي.
ومن المرتقب أن يزور لبنان في الأيام المقبلة قائد القيادة الوسطى الأميركية براد كروبر ومعه الموفدة مورغان أورتاغوس لمواكبة الملف الأمني، وخطة الجيش اللبناني، بالدرجة الأولى، وكذلك الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لمتابعة التطورات، والتحضير لمؤتمرين؛ الأول لإعادة إعمار لبنان والثاني لدعم الجيش اللبناني، ما من شأنه أن يزيد الضغط على المسؤولين اللبنانيين من أجل حسم الملف في الجلسة يوم الجمعة قبيل الجولتين المستقلّتين.
وصعّد حزب الله، أمس الثلاثاء، عبر إعلامه بوجه الحكومة اللبنانية، معلناً نقلاً عن ما أسماها “مصادره”، بأنّ بقاء الحكومة عند مواقفها قد يؤثر على تعاون الحزب حتى في جنوب نهر الليطاني، وذلك في وقتٍ تؤكد مصادر مضي رئيس الوزراء نواف سلام قدماً بالملف، وإقرار خطة الجيش، رغم مواقف الحزب وحركة أمل المعترضة على ذلك، بما يكرر مشهدية جلستي الخامس والسابع من آب/ آب الماضي.
وفي السياق، تقول مصادر حكومية لـ”العربي الجديد”، اليوم الأربعاء، إنّ “رئيس الوزراء نواف سلام مصرّ على ضرورة البتّ بالملف، وعدم التراجع أمام ضغوط حزب الله وحركة أمل، وسيؤكد للأميركيين والفرنسيين ضرورة أن تبدأ إسرائيل بخطواتها، إذ لا يمكن أن يبقى الخارج متفرجاً على استمرارها باحتلال نقاط في لبنان واعتدائها اليومي على الأراضي اللبنانية”، مشيرة إلى أن هناك ترقباً لزيارتي الموفد الأميركي كما الفرنسي لبحث ملفي إعادة الإعمار وتقديم الدعم للجيش اللبناني للقيام بمهامه وتطبيق الخطة.
وبينما لم يحسم حزب الله وحركة أمل مشاركتهما في الجلسة، مع تلويح إلى اشتراط أن تشمل على جدول أعمالها بنوداً أخرى غير خطة الجيش، رغم أنّ مواقف بعض وزرائهما أكدت الحضور، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ”العربي الجديد”، إنّ “الثنائي يدرس كل الخيارات المتاحة، ولكن ما هو ثابت أنه لا يمكن للحكومة أن تبقى على موقفها، وهناك ضرورة للتراجع عنه، وعدم الخضوع لأي ضغوط خارجية”.
ويشير المصدر إلى أن “هناك تباينات في مواقف الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام؛ فالأول حريص على التوافق، بينما سلام مصرّ على عدم الالتفاف نحو تداعيات قرار الحكومة”، لافتاً إلى أنّ “الكلام عن وقف حزب الله تعاونه في جنوب الليطاني، هو من الاحتمالات في حال قرّرت الحكومة اتخاذ المواقف عشوائياً، إلى جانب خيارات أخرى يمكن اللجوء إليها”.
ويلفت المصدر إلى أنّ “طريقة إدارة الجلسة مهمّة أيضاً، فإذا حصلت على غرار الجلستين السابقتين، فهذا من شأنه أن يخلق خلافات كبرى، فحزب الله وحركة أمل لا يعارضان من أجل المعارضة فقط وهما من دعاة الحوار ومع إقرار الاستراتيجية الدفاعية، من هنا يجب أن يُبحث بالخطة جيداً وتناقش وتوضع الملاحظات عليها إذا كان هناك من ملاحظات، لا أن يكون التمسّك بها عشوائياً لضرورة إقرارها بغض النظر عن أي نقاش وفرض مهل بالقوة، فقط لإرضاء الأميركي بما يخدم مصلحة الإسرائيلي”.
وأعلن مجلس الوزراء اللبناني، اليوم الأربعاء، في بيان، إدراج بنود إضافية على جلسة يوم الجمعة، “نظراً لضرورة عرض بعض المواضيع الملحّة والمستعجلة، خاصة أنه لم يعقد أي جلسة منذ أكثر من أسبوعين”. يأتي ذلك على وقع مطالبات حزب الله وحركة أمل بإدراج بنود إضافية على الجلسة للمشاركة بها، لا أن تقتصر فقط على مناقشة خطة الجيش لحصر السلاح، في خطوة من شأنها أن تحسم مشاركة الثنائي يوم الجمعة.
ومن البنود التي أدرجها، عرض وزارة المالية دفع المنحة المالية للعسكريين عن شهر آب/ آب لأخذ العلم، وطلب وزارة المال الموافقة على مشروع مرسوم يرمي إلى إبرام اتفاقية القرض المقدم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع الطاقة المتجددة وتعزيز نظام الطاقة في لبنان بقيمة 250 مليون دولار أميركي.
وبالتزامن مع الأحداث السياسية، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مع تسجيل حدث لافت، مساء أمس، الثلاثاء، بتحليق طائرة أميركية على ارتفاعات متوسطة فوق عدد من البلدات في عمق الجنوب اللبناني، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله. وتعرّض مواطن لإصابة طفيفة، اليوم الأربعاء، في بلدة حولا جنوباً، بعد استهدافه بقنبلة صوتية ألقتها مسيّرة إسرائيلية في أثناء نقله أثاث المنزل.
كذلك، أفادت وسائل إعلام حزب الله بأنّ جيش الاحتلال توغل فجراً إلى منطقة الخانوق عند أطراف بلدة عيترون وعمد إلى تفخيخ وتفجير مزرعة للمواشي، كما تعرّضت أطراف بلدة كفرشوبا جنوبي لبنان لرشقات إسرائيلية من موقع رويسات العلم. وأعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل”، صباح اليوم الأربعاء، تعرّضها لهجوم إسرائيلي وصفته بـ”أخطر الهجمات على أفرادها وممتلكاتها منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني/ تشرين الثاني الماضي”.
وقالت إنّ “مسيّرات إسرائيلية ألقت صباح يوم أمس أربع قنابل بالقرب من قوات حفظ السلام التابعة ليونيفيل في أثناء عملها على إزالة عوائق تعرقل الوصول إلى موقع للأمم المتحدة قرب الخط الأزرق”. وأضافت “سقطت قنبلة واحدة على بُعد 20 متراً، وثلاث قنابل أخرى على بُعد حوالي 100 متر من أفراد وآليات الأمم المتحدة. وشوهدت المسيّرات وهي تعود إلى جنوب الخط الأزرق”.
وتابعت “كان الجيش الإسرائيلي قد أبلغ مسبقاً عن أشغال يونيفيل في إزالة العوائق في المنطقة الواقعة جنوب شرقي بلدة مروحين. وحرصاً على سلامة قوات حفظ السلام عقب الحادث، تم تعليق الأشغال التي كانت تجري يوم أمس”. وأشارت يونيفيل إلى أنّ “أي أعمال تُعرّض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وممتلكاتها للخطر، وأي تدخل في المهام الموكلة إليهم، أمر غير مقبول، ويُمثل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701 والقانون الدولي. وتقع على عاتق الجيش الإسرائيلي مسؤولية ضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام التي تؤدي المهام التي كلّفها بها مجلس الأمن”.