تنقسم القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بشأن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء حرب غزة، وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أمس الثلاثاء، عن أربعة مسؤولين مطلعين على المداولات الداخلية.
وبينما يدعو عدد من الشخصيات القيادية في الجيش وجهاز الاستخبارات “الموساد” والحكومة إلى العودة إلى النهج التدريجي لحل النزاع، بدءاً بهدنة مؤقتة، يفضل نتنياهو ووزراء كبار آخرون الآن اتفاقاً أكثر صعوبة يهدف إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين دفعة واحدة وإنهاء الحرب بشروط وضعتها إسرائيل، وهي شروط رفضتها حركة حماس حتى الآن، بحسب ما ذكرت نيويورك تايمز.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن المسؤولين الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أن من بين المعارضين لموقف نتنياهو، رئيس أركان الجيش، إيال زامير؛ ورئيس جهاز “الموساد” ديفيد برنيع، ومستشار نتنياهو للأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الخارجية جدعون ساعر. ولم يُعلّق المعارضون علناً. ولم يُجب مكتب رئيس الوزراء فوراً على طلب التعليق، كما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق.
وتحدثت الصحيفة عن وجود شكوك متزايدة في قدرة إسرائيل الآن على تحقيق ما عجزت عن تحقيقه عسكريًا خلال 22 شهراً من الحرب. ونقلت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن زامير عارض في الأسابيع الأخيرة إصرار الحكومة على بسط السيطرة العسكرية الكاملة على مدينة غزة، كما أعرب عن مخاوفه بشأن إرهاق جنود الاحتياط وضعف لياقتهم البدنية، وسط تحذيرات من أن توسيع العمليات قد يعرض المحتجزين الإسرائيليين للخطر ويقتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين. وقال أحد المسؤولين لـ”نيويورك تايمز”، إنّ زامير وخلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني (الكابينت) أول من أمس الأحد، حذّر مرة أخرى من احتلال مدينة غزة على أساس أنه قد يؤدي إلى أن يصبح الجيش مسؤولاً وحده عن إدارة غزة.
وأمس الثلاثاء، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إنّ إسرائيل لم ترد حتى الآن على الوسطاء بشأن مقترح اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وافقت عليه حركة حماس. وأوضح الأنصاري خلال مؤتمر صحافي أسبوعي في مقرّ وزارة الخارجية في الدوحة: “ليس هناك رد إسرائيلي على الوسطاء حتى الآن، وهناك اتصالات للعودة إلى المفاوضات”، التي تنصلت منها حكومة الاحتلال تماماً، قبل إعلانها عن مخطط لاحتلال مدينة غزة وتهجير سكانها لاستكمال الإبادة الجماعية.
وفي سؤال لمراسل “العربي الجديد” بشأن إمكانية طرح الوسطاء مبادرة جديدة تقوم على صفقة شاملة في ظل التعنت الإسرائيلي، قال الأنصاري إنّ هناك اتصالات تجري حالياً للوصول إلى نمذجة مختلفة للوصول إلى اتفاق، مضيفاً: “لن أخوض في تفاصيل هذه الاتصالات، لكن نحن منفتحون على جميع الحلول بكل أشكالها إذا كان من ممكن أن تصل بنا إلى اتفاق، لكن في الوقت الحالي العرض الموجود على الطاولة هو الخطة المعلن عنها سابقاً ووافقت عليها حماس، غير ذلك رسمياً ليس هناك شيء على الطاولة سوى الاتصالات وتبادل الأفكار”.
وترفض إسرائيل حتّى الساعة الردّ على مقترح اتفاق غزة الذي وافقت عليه حركة حماس، والذي يتضمّن اتفاقاً جزئياً على أساس مقترح أميركي سابق، ويقضي بهدنة لمدة 60 يوماً، تتخللها مجموعة من الإجراءات، يأتي في مقدمتها إطلاق سراح عشرة من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء، ونحو 19 من الجثامين، في مقابل إدخال كميات كبيرة يُتَّفَق عليها من المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتوزيعها عبر الآلية الأممية، وقال الأنصاري “لا يمكن أن يقبل المجتمع الدولي ربط القضية الإنسانية بوجود صفقة لإطلاق الأسرى”، ودعا إلى “فتح المعابر وإدخال المساعدات لغزة”، لافتاً إلى أن خطوات إسرائيل تلقى معارضة إقليمية ودولية واضحة، كما دعا المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية المجتمع الدولي إلى تشكيل موقف موحد لإيقاف إسرائيل، وقال: “لا فائدة من انتظار عملية السلام بينما لا يوجد طرف إسرائيلي يريد هذه العملية”.