كشف تقرير حقوقي صادر عن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، عن تصاعد خطير في الانتهاكات الممنهجة ضد السجناء السياسيين في السجون وأماكن الاحتجاز بمصر خلال شهر آب/آب 2025. ووثق التقرير تسع حالات وفاة للسجناء السياسيين داخل أماكن الاحتجاز، منهم ست حالات بسبب الإهمال الطبي المتعمد، وثلاث حالات جراء التعذيب وسوء المعاملة خارج نطاق القانون. كما رصد التقرير إخلاء سبيل محدوداً لثمانية سجناء فقط في قضايا سياسية، بينما استمر حبس العشرات، وتدهورت الأوضاع الصحية لعدد من السياسيين، بينهم مصطفى شيمي (70 عاماً)، والذي انخفضت كفاءة عضلة قلبه من 67% إلى 50% بسبب إضرابه عن الطعام.
وطبقاً للتقرير، ففي شهر واحد فقط، شهدت السجون ومقار الاحتجاز المصرية وفاة تسع سياسيين، مما يسلط الضوء على الأوضاع الإنسانية المتردية داخل هذه الأماكن. وتوزعت أسباب الوفاة بين الإهمال الطبي والتعذيب.
ورصد المركز، وفاة ستة سجناء سياسيين نتيجة الإهمال الطبي، وهم: ناجي البرنس، أستاذ جراحة القلب، توفي بسبب إهمال طبي جسيم رغم تدهور حالته الصحية، وعاطف محمود زغلول (52 عاماً) توفي نتيجة حرمانه من الرعاية الطبية رغم معاناته من أمراض قلب مزمنة، وسامي عبد الحميد دسوقي (33 عاماً) المحكوم عليه بالإعدام منذ عام 2014، وتوفي بسبب إهمال طبي متعمد أدى إلى تدهور حالته الصحية الناتجة عن أمراض القلب والسكري، وعلي حسن عامر أبو طالب (77 عاماً)، إمام مسجد، توفي بقسم شرطة كرداسة بعد 12 ساعة فقط من اعتقاله، ومحمود فؤاد عزب (50 عاماً)، محاسب، توفي في حي البساتين بعد يوم واحد من اعتقاله، إذ أُعلِن عن وفاته دون السماح لأسرته بإقامة جنازة أو دفنه، والسيد عبدالله عطوة توفي داخل سجن العاشر من رمضان نتيجة إهمال طبي جسيم، رغم أنه كان سجينًا منذ عام 2013.
ووثق المركز وفاة سجناء نتيجة التعذيب والقتل خارج القانون وهم وائل يوسف خيري بشارة توفي داخل شقته بمركز الأهرام، في ظروف تشير بوضوح إلى تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازه، ووليد أحمد طه موظف ببنك مصر، توفي داخل حجز قسم ثان شبرا الخيمة في ظروف غامضة، وسط شبهات قوية حول تعرضه لانتهاكات أدت إلى وفاته، ورمضان السيد حسن توفي بالقسم بعد فشل قوات الأمن في القبض على شقيقه، إذ تعرض للضغط والتعذيب للإرشاد عن مكان شقيقه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وأحمد سعد (وشهرته الصعيدي) توفي بسجن قنا العمومي نتيجة ارتفاع الحرارة والإعياء الشديد، ونُقل إلى المستشفى مرتين ثم أعيد للحجز دون تلقي العلاج اللازم، وسيف إمام (23 عاماً) توفي داخل سجن جمصة بعد أيام قليلة من القبض عليه، إذ تعرض للتعذيب الشديد على أيدي ضباط وأفراد شرطة، مما تسبب في كسور في الجمجمة وجروح في جسده، ومحمد أحمد عبد العظيم القفي (30 عاماً)، توفي بعد عام من اعتقاله، إذ كشف التقرير الطبي عن تعرضه لـ”ضرب مبرح” أدى إلى ارتجاج في المخ ونزيف داخلي قبل وفاته.
إلى جانب حالات الوفاة، وثق التقرير استمرار العديد من الانتهاكات الجسيمة التي تآذارها السلطات بحق السياسيين، منها القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب. وأفرد المركز بندًا خاصًا لتدهور الأوضاع في سجن بدر، وأشار إلى رسائل مسربة من داخل سجن بدر 3 كشفت عن تدهور الأوضاع الإنسانية، إذ يواصل سجناء سياسيون إضرابهم عن الطعام، ومن بينهم مصطفى شيمي (70 عاماً)، الذي انخفضت كفاءة عضلة قلبه إلى 50% بسبب إضرابه عن الطعام وحرمانه من الأدوية. كما تواصل السلطات منع المحامين من حضور جلسات محاكمة موكليهم، كما حدث في حالة الوزير الأسبق خالد الأزهري في 8 آب.
و رصد التقرير بعض القرارات القضائية التي تضمنت إخلاء سبيل محدوداً لعدد من المعتقلين، فقد أُخلي سبيل ثمانية سجناء سياسيين في 3 آب بقضايا سياسية مختلفة. وأُخلي سبيل سجين سياسي واحد في 18 آب بكفالة قدرها 50 ألف جنيه. في المقابل، استمرت “حملات القبض التعسفية”، حسب التقرير، ومنها القبض على الطالب الجامعي مروان محمد مجدي عثمان أحمد في 2 آب، وذلك على خلفية كتابات احتجاجية على جدران السفارة المصرية في ماليزيا.
وأكد مركز الشهاب لحقوق الإنسان، أن هذه الانتهاكات لا تمثل سوى جزء من الصورة الكاملة للواقع الحقوقي في مصر، داعيًا السلطات المصرية إلى احترام الدستور والقانون، ووقف جميع أشكال الانتهاكات بحق سجناء سياسيين، والإفراج الفوري عن جميع المحبوسين على خلفيات سياسية، وتمكينهم من حقوقهم الأساسية في الرعاية الصحية والمحاكمة العادلة.