وثيقة إسرائيلية مسرّبة تتوقع فشل عملية “عربات جدعون 2” في غزة بصيغتها الحالية

تظهر وثيقة موقّعة من قبل العميد احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي غاي حازوت، رئيس منظومة التعلّم في سلاح البر، أن الطريقة التي ينوي الجيش اتّباعها لإدارة حرب الإبادة على قطاع غزة، ضمن عملية “عربات جدعون 2″، لا تتضمن الخطوات الأساسية اللازمة لتحقيق النصر. وتشير بنود في الوثيقة، التي كشفت عنها صحيفة يسرائيل هيوم العبرية اليوم الثلاثاء، إلى عدة عمليات “حاسمة” لم ينفّذها الجيش حتى الآن، ولا يخطط لتنفيذها خلال احتلال مدينة غزة، مثل فرض حصار كامل، وعزل حركة حماس عن السكان المدنيين، وتعطيل خطوط الإمداد.

وبحسب الوثيقة، فإنّ الاستراتيجية المختارة للمرحلة الثانية من “عربات جدعون” في غزة تتعارض مع المنطق العملياتي، ومع التوصيات المستخلصة من تجارب سابقة، كما تحذّر من أنّ عدم تطبيق هذه الخطوات قد يمنع تحقيق “إنجاز حقيقي” في العدوان، حتى في المرحلة التالية المخطط لها. وبخلاف الآراء في المنظومة العسكرية الإسرائيلية التي تقول إنه لا يمكن هزيمة تنظيمات تتّبع طريقة حرب الشوارع، تزعم الوثيقة أنه بالإمكان التغلّب عليها من خلال خطوات ضرورية لم تُنفذ حتى الآن، وتشير إلى أنه “يجب العمل (عسكرياً) بشكل مكثّف جداً، وبوسائل متنوّعة، وتطويق مناطق بالمناورة، ودفع العدو إلى مواجهات قريبة، مع إظهار المبادرة والهجوم، ومنع أسلوب الضرب والفرار”، كما توصي “بتقسيم المناطق إلى خلايا صغيرة وعزلها لمنع حرية حركة العدو”.

وتزعم الوثيقة، التي تحمل عنوان “كيف هزمت الجيوش تنظيمات حرب العصابات”، أنّ “فصل التنظيم عن السكان، ودمج القوة العسكرية مع خطوات لتحسين حياة المدنيين، والسيطرة على الأرض، ومنع وجود مدن ملاذ، وقطع خطوط الإمداد”، كلها عناصر أساسية في تحقيق الحسم. وسبق أن كشفت القناة 12 العبرية، أول من أمس الأحد، أجزاء أخرى من الوثيقة نفسها، والتي أشارت إلى فشل “عربات جدعون” في تحقيق أهدافها، بخلاف مزاعم رئيس الأركان إيال زامير أنها حققتها.

وسواء نجحت العملية أم فشلت وفق المفاهيم الإسرائيلية، فلا عزاء بذلك للفلسطينيين، في ظل استمرار الإبادة، والتجويع، والتدمير، والتهجير. وتذكر الوثيقة أن “إسرائيل ارتكبت كل خطأ ممكن حين أدارت الحرب بما يتعارض مع عقيدتها العسكرية”. ووفقاً لما ورد فيها، فإن إسرائيل وفّرت “للعدو” موارد، وخاضت القتال دون بُعد زمني أو إدارة فعّالة للموارد، ما أدى إلى إنهاك قواتها، ولفقدان كامل رصيدها الدولي. وكتب حازوت “فشلنا”. وبحسب الوثيقة، “توفّرت لدى حماس جميع الشروط اللازمة للبقاء من أجل تحقيق النصر، الموارد، البُعد الزمني، وأسلوب القتال المناسب”، كما أبرزت أن بعض أهداف القتال لم تتحقق على الإطلاق، إذ لم تُهزم حماس لا عسكرياً ولا سياسياً، ولم تتم إعادة المحتجزين الإسرائيليين، لا من خلال صفقة تبادل ولا عبر عمليات عسكرية مباشرة.

ومن أسباب الفشل التي وردت في الوثيقة الداخلية أنّ “إسرائيل اعتمدت منطق الردع بدلاً من الحسم، وذلك بهدف الدفع نحو صفقة تبادل جديدة، وهو توجه أدركته حماس واستغلته لصالحها”. كما ورد في الوثيقة أن هناك إخفاقاً في التخطيط والتنفيذ بما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، “ما أتاح للتنظيم إطلاق حملة دعائية كاذبة، لكنها فعالة، تحت عنوان التجويع”، بحسب زعمها. وجاء في الوثيقة أيضاً أنّ “المنطق العملياتي للمناورة قد انهار”، حيث “لم يُسجل تركيز للجهد في نقاط الثقل، وعملت القوات مجدداً في المناطق نفسها التي سبق أن تمّت فيها المناورة، بينما أدى البطء في وتيرة العمليات – الناتج عن فجوات في الموارد وتفضيل مبدأ الأمان – إلى إعاقة تحقيق إنجازات ملموسة”.

وشددت الوثيقة على أنّ “القتال جرى دون وجود إطار زمني واضح، حيث طغت أولوية الحفاظ على القوات على جوهر المهمة نفسها، ما أدى إلى إنهاك القوات واستنزاف الذخائر. وقد زاد من تعقيد الوضع سوء التعامل مع حرب العصابات التي تخوضها حماس، الأمر الذي صعّب أكثر فأكثر إمكانية الوصول إلى حسم حقيقي”. في المقابل، عرضت الوثيقة ما اعتبرتها إنجازات ميدانية، من بينها “التدمير الكامل للبنية التحتية التابعة لحماس في المنطقة العازلة ومناطق أخرى، وإلحاق أضرار جسيمة بعناصر التنظيم وبمنشآته، بالإضافة إلى تصفية واستهداف قيادة حماس، مع التركيز بشكل خاص على يحيى السنوار. كما تم استرجاع جثامين بعض المحتجزين إلى إسرائيل”.

وعلّق مسؤولون كبار في جيش الاحتلال الإسرائيلي على مضمون الوثيقة بأن “الجيش يشجع النقاش النقدي، وخلال المناقشات التي تُجرى في منتدى هيئة الأركان العامة وبين المستويات المختلفة، تُطرح آراء متنوعة بشأن أنماط العمل العملياتي التي يجب اتباعها في القتال داخل قطاع غزة”، وزعموا أن عملية “عربات جدعون” حققت أهدافها، حيث فكك الجيش بشكل كامل البنية التحتية العسكرية في المناطق التي عمل فيها، “كما زادت العملية الضغط العسكري على حماس، وأدت إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على ثلاثة أرباع مساحة القطاع، بالإضافة إلى تصفية نحو ألفي مسلّح”. وأضاف الرد أن قائد القوات البرية استجوب العميد حازوت، لأن الوثيقة ونتائجها “لم تُكتب بتفويض رسمي، ولم تمثل موقف الجيش الإسرائيلي كما يُتوقع من وثيقة رسمية تُنقل إلى قوات الاحتياط”.