في مشهد يعكس حجم التوترات الاجتماعية في إندونيسيا، تعهدت وزيرة المالية سري مولياني إندراواتي بتحسين السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وذلك بعد أن تعرض منزلها القريب من العاصمة جاكرتا للنهب خلال عطلة نهاية الأسبوع، ضمن احتجاجات عنيفة شهدتها البلاد ضد ارتفاع تكاليف المعيشة واتساع فجوة عدم المساواة. الوزيرة، التي تعتبر إحدى أبرز الشخصيات الاقتصادية في البلاد، نشرت سلسلة من الرسائل عبر حسابها الشخصي في “إنستغرام” أمس الاثنين، شكرت فيها المواطنين على رسائل التعاطف والدعم، وقالت: “نعتذر، لا شك أن هناك قصوراً في عملنا، وسنواصل الإصلاح والتحسين باستمرار”، مضيفة أن مهامها “معقدة للغاية”، لكنها ملتزمة بالاستماع لمطالب الشارع.
الاحتجاجات، التي اندلعت الأسبوع الماضي في عدة مدن كبرى مثل جاكرتا وسورابايا وباندونغ، تصاعدت إلى أعمال عنف أودت بحياة ما لا يقل عن خمسة أشخاص وأدت إلى إصابة المئات، فضلاً عن أضرار بالبنية التحتية. وقد استهدفت مجموعات من الغاضبين منازل وزراء ونواب، بما في ذلك منزل إندراواتي، حيث أظهرت صور متداولة عبر وسائل الإعلام فوضى ودماراً في مقتنيات المنزل. وأكدت الوزيرة أنها ستظل ملتزمة بالاستمرار في عملها، نافية الشائعات التي راجت في الأيام الأخيرة حول احتمال استقالتها. وقالت: “أنا أقسمت على احترام الدستور والقانون، وسأواصل أداء مهامي بما يضمن الاستقرار المالي للدولة”، مشيرة إلى أن التعبير عن الغضب يجب أن يتم عبر الوسائل القانونية مثل المراجعة القضائية، لا عبر “الفوضى أو العنف أو الترهيب”.
تأتي هذه الأحداث في وقت حساس بالنسبة لإندونيسيا، إذ تواجه الحكومة بقيادة الرئيس برابوو سوبيانتو ضغوطاً متزايدة لمعالجة قضايا التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، إضافة إلى مخاوف من تفاقم البطالة وتباطؤ الاستثمارات. وينظر إلى إندراواتي على نطاق واسع من قبل المستثمرين الدوليين باعتبارها شخصية قادرة على الحفاظ على الانضباط المالي وضمان استقرار الأسواق.
ونشرت الوزيرة صوراً من اجتماع وزاري طارئ عقد مساء أول أمس الأحد برئاسة الرئيس سوبيانتو، ركز على كيفية التعامل مع تداعيات الاحتجاجات واستعادة ثقة الشارع.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي أنغوس دارماوان إن تصريحات إندراواتي كانت ضرورية لطمأنة الأسواق، إذ أن “أي إشارة إلى احتمال مغادرتها المنصب قد تؤدي إلى اضطراب في ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل تراجع العملة المحلية الروبية وتذبذب أسعار السندات الحكومية”. وبحسب تقارير أولية، فإن الاحتجاجات اندلعت بسبب تزايد السخط على ارتفاع الأسعار، حيث تشير بيانات رسمية إلى أن معدل التضخم تجاوز 4% في تموز، مدفوعًا بزيادة أسعار الوقود والمواد الغذائية. كما أثارت السياسات الضريبية الأخيرة، التي اعتبرها المحتجون مجحفة بحق الطبقات المتوسطة والفقيرة، غضب الشارع ودعت نقابات عمالية ومنظمات طلابية إلى تصعيد الاحتجاجات.