حذّر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من أنّ حيوات 41 مهاجراً عالقين في البحر معرّضة للخطر، وذلك بسبب رفض سلطات مالطا وإيطاليا استقبال سفينة للإنقاذ البحري انتشلتهم من مياه البحر الأبيض المتوسط قبل أيام. وأوضح المنتدى، في بيان أصدره اليوم الاثنين، أنّ سفينة الإنقاذ البحري المصرية “ماريديف 208” أنقذت، يوم الجمعة الماضي، 41 مهاجراً من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بعدما تلقّى مركز البحث والإنقاذ المالطي نداء استغاثة من المهاجرين، واليوم تُمارَس ضغوط على تونس لاستقبالهم.
بدورها، أكدت منظمة “ألارم فون”، التي تُعنى بشؤون المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط في اتجاه أوروبا، أنّ هؤلاء المهاجرين الـ41 ما زالوا عالقين على متن سفينة “ماريديف 208″، التي “ينفد منها الطعام والمياه”. وإذ أشارت المنظمة، في سياق سلسلة تدوينات على موقع إكس، إلى أنّ “السلطات لم تستجب بعد لطلب إجلاء حالتَين حرجتَين طبياً”، شدّدت على “وجوب وضع حدّ لهذا الإهمال القاسي الحاصل”.
وأوضح المتحدّث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أنّ هؤلاء المهاجرين عالقون في وسط البحر على متن سفينة الإنقاذ المصرية منذ أكثر من 72 ساعة، وقد تلقّى مركز البحث والإنقاذ المالطي نداءهم منذ ليل الخميس الماضي، ووجّه “ماريديف 208” لانتشالهم، غير أنّ السلطات في مالطا رفضت دخول السفينة إلى موانئها في مخالفة صريحة لقانون الإنقاذ البحري.
أضاف بن عمر أنّ “قانون الإنقاذ البحري ينصّ على قبول الدولة التي تتلقّى نداء الاستغاثة سفنَ الإنقاذ، غير أنّ تلك الدول الأوروبية لا تتحمّل مسؤولياتها وترفض قبول المهاجرين لإجبار تونس على قبولهم”. في المقابل، يصرّ المهاجرون على عدم نقلهم إلى تونس، إذ إنّها ليست بلداً آمناً للإنزال وفقاً للمعايير الدولية، بسبب غياب كلّ إطار قانوني واضح لمعالجة طلبات اللجوء، مع العلم أنّ دراسة تلك الطلبات معلّقة منذ حزيران/ حزيران 2024.
ويفرض القانون البحري الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار واتفاقية سلامة الأرواح في البحار واتفاقية البحث والإنقاذ البحري، التزامات صارمة بشأن واجب الإنقاذ لكلّ شخص في البحر، بغضّ النظر عن جنسيته أو وضعه القانوني. كذلك، تحمّل الاتفاقيات نفسها الدولة مسؤوليتها عن تنظيم عمليات الإنقاذ والإنزال من ضمن منطقة البحث والإنقاذ الخاصة بها، وضمان أن يكون مكان الإنزال آمناً فيوفّر السلامة ويُلبّي الاحتياجات الأساسية ويحترم حقوق الإنسان ولا يتعرّض فيه الأشخاص لسوء المعاملة أو المخاطر.
وإذ عبّر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن مخاوف حقيقية بشأن مصير المهاجرين العالقين، رأى أنّ الضغط على تونس لقبولهم قد يؤدّي لاحقاً إلى انتهاك حقوقهم مجدداً وترحيلهم نحو الحدود البرية أو نقلهم إلى حقول الزيتون. وأشار بن عمر، في سياق متصل، إلى أنّه سبق لتونس أن أُجبرت على قبول مهاجرين علقوا على متن سفن إنقاذ بحري خارج منطقة البحث والإنقاذ التونسية نتيجة رفض إيطاليا السماح للسفن التي تقلّ المهاجرين بدخول موانئها.
ودعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى ضرورة توفير الخدمات الإنسانية الأساسية العاجلة لهؤلاء المهاجرين، وتحمّل سلطات مالطا وإيطاليا مسؤولياتها القانونية والدولية واستقبال المهاجرين الذين أُنقذوا، وذلك وفقاً لالتزاماتها بالقانون البحري الدولي. كذلك، عبّر المنتدى عن رفصه بشدّة سياسة الأمر الواقع التي تحاول دول عدّة فرضها على تونس بوصفها منصّة إنزال وفرز للمهاجرين، بعد تكرار مثل هذه الحالات، مؤكداً أنّ تونس ليست مكاناً آمناً للأشخاص الذين يجرى إنقاذهم من البحر، بسبب غياب الحماية القانونية للاجئين وتعطيل دراسة طلبات اللجوء منذ منتصف 2024.
وحذّر المنتدى من المآذارات الخفية قبالة السواحل التونسية، من اعتراض المهاجرين ونقلهم إلى تونس والتعتيم حول المعطيات المرتبطة بها. تجدر الإشارة إلى أنّ تونس كانت قد أصدرت في إبريل/ نسيان 2024 أمراً يتعلّق بتنظيم البحث والإنقاذ البحريَّين الخاصَين بها، في إطار جهود مكافحة الهجرة غير النظامية.