خاص | ناشطان إيطاليان يتحدثان عن تفاصيل وأهداف “أسطول الصمود”

بعد محاولات سابقة من “أساطيل الحرية” تم اعتراضها من قبل البحرية الإسرائيلية، كان آخرها في حزيران/حزيران وتموز/تموز الماضيين، حين احتُجزت سفينتا مادلين وحنظلة واقتيدتا إلى ميناء أشدود، ما أثار انتقادات منظمات حقوقية مثل العفو الدولية، تستعد عشرات القوارب من مختلف موانئ البحر المتوسط للإبحار نحو غزة في أكبر مبادرة إنسانية بحرية من نوعها (أسطول الصمود العالمي)، تهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية وكسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على القطاع، ومن المخطط أن تصل إلى مقصدها في غضون 10 أيام بعد مغادرتها الموانئ الإيطالية، وفقاً لتصريح منسقة الأسطول في إيطاليا ماريا إلينا ديليا.

وفي إيطاليا، وتحديداً في مقر منظمة “موسيقى من أجل السلام” الإنسانية بمدينة جنوة نُصبت في منتصف يوم السبت منصة توالت فيها مداخلات من قبل شخصيات إيطالية ودولية، ومن ثم انطلقت في تمام الساعة التاسعة مساء مسيرة شارك فيها نحو 40 ألفا تتقدمهم عمدة المدينة سيلفيا ساليس من مقر المنظمة ذاتها وصولاً إلى السفن الراسية في الميناء.

وصرح مؤسس ورئيس منظمة “موسيقى من أجل السلام” وأحد المشاركين في القافلة ستيفانو ريبورا أن “الاستجابة لحملة جمع المساعدات التي أطلقناها (بالتعاون مع الاتحاد المستقل للعاملين بالموانئ) على مدار 5 أيام كانت كبيرة للغاية، حيث تجاوز حجم المساعدات 300 طناً”.

من جهته، ذكر الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا، المتواجد حالياً على متن إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في برشلونة، أن “عدد الإيطاليين المتواجدين معه 3 نشطاء، ولكن ثمة أعداد كبيرة من الإيطاليين المشاركين في الأسطول على وجه العموم، وثمة 20 قارباً هنا في إسبانيا ومثلها تقريباً في كل من تونس واليونان”. وأضاف لابيتشيريلا، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، أن “الانطلاق الرسمي للقوارب من برشلونة كان يوم أمس الأحد من خلال إبحار فني تجريبي قبل المغادرة التي من المنتظر أن تكون إما اليوم أو غداً. أمّا في إيطاليا، فإن الموعد الرسمي لمغادرة القوارب هو يوم 4 أيلول/أيلول الجاري، وفي تونس يوم 5 على حد علمي”.

وفي ما يتعلق بتهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باعتقال أطقم أسطول الصمود العالمي بتهمة الإرهاب، أكد أن هذه التصريحات “تتعارض مع القانون الدولي، لأن المداهمة ستنفذ في مياه دولية لا سلطان لإسرائيل عليها. والحقيقة أن بن غفير استخدم مصطلح “إرهابيين” استخداماً استغلالياً بالمخالفة للقوانين الدولية التي تحمينا”، مشيراً إلى أن “مصطلح ’إرهابيين‘ لا يقتصر استخدامه على إسرائيل فقط، وإنما تستخدمه أيضاً حكومات غربية عدة بهدف عزل وقمع جميع التحركات والاحتجاجات التضامنية مع غزة”. وشدد على أن “إسرائيل دولة إرهابية، وإذا كانت ستمضي قدماً في مداهمة قواربنا واعتقالنا وإيداعنا في سجونها، فإننا سنكون في هذه الحالة رهائن، وفي هذه الحالة سوف ننتظر أن يكون ثمة رد بشكل أو بآخر من قبل حكوماتنا”.

الصورة

الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا

الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا

بدورها، ذكرت الناشطة الإيطالية سيلفيا سيفيريني، عضو الحركة العالمية نحو غزة وهي أحد المكونات الأساسية لأسطول الصمود العالمي، أن “هذه المبادرة خرجت إلى النور بعد خيبة الأمل من مسيرة غزة حيث أُجبرنا على التوقف في القاهرة من قِبل الحكومة المصرية. وعقب عودتنا، توجه وفد منا إلى بروكسل للتظاهر في الأسبوع الذي صادف اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وبعد انتهاء تلك التظاهرات أيضًا، كان ثمة شعور كبير بالإحباط يتملكنا، لكن الحماسة والرغبة في التحرك كانت أكبر”.

وأضافت سيفيريني، في حديث خاص لـ”العربي الجديد”، أنه “عند عودتنا من بروكسل تحديداً، اقترحت علينا منسقة أسطول الصمود في إيطاليا، ماريا إلينا ديليا، خلال اجتماع مشروع القوارب: أسطول من عشرات القوارب لنقل المساعدات الإنسانية وكسر الحصار عن غزة. وقالت لنا “سيكون جميلاً لو شاركت إيطاليا على الأقل بقارب واحد!”. وتابعت أن “فكرة المشروع لاقت ترحيباً وحماسة كبيرة، لكن خزائننا كانت خاوية إلا من بضع عشرات من اليوروهات. ومنذ تلك اللحظة أعادت حركتنا تنظيم نفسها، وأسست الوفود الدولية الـ44 الأسطول العالمي للصمود”.

وأوضحت أنهم تلقوا تمويلاً من “الوفود الأخرى، وعلى وجه الخصوص من إسبانيا، ما سمح لنا بشراء القوارب. وهكذا واصلنا جهودنا ليل نهار بسبب ضخامة العمل، الذي توزع على مجموعات عدة: مجموعة مهمتها البحث عن القوارب واختبارها، وأخرى لشرائها وثالثة لإدارة تنقلاتها وأخرى للبحث عن طواقمها، إلخ..”، مشيرة إلى أن “العدد وصل اليوم إلى عشرات القوارب، ونحن نقوم حتى هذه اللحظة بإعداد القوارب التي أصبحت جاهزة بنسبة كبيرة للإبحار. وننتظر حالياً انضمام بعض السفن لنا من موانئ إيطالية أخرى، وكذا من إسبانيا”.

وتابعت سيفيريني أنها لم تكن قط “ناشطة، وعلى وجه التحديد من أجل فلسطين، إلا أن الأوضاع في غزة التي تجتاحها إبادة جماعية في ظل لا مبالاة من قبل الحكومات الغربية التي لم تتخذ قط موقفاً من جرائم (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو، جعلتني أخرج من ’منطقة الراحة‘ الخاصة بي (الأسرة والعمل والاستمتاع بالإجازات) كأي شخص عادي في الدول الغربية، من أجل إجراء تعديل مسار على حياتي وقلبها رأساً على عقب، شأني في ذلك شأن الكثيرين ممن اتخذوا هذا الخيار، وذلك بسبب عبثية الجرائم التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية التي لا يمكن الدفاع عنها أو بسبب موقف التعايش الذي لا يليق من قبل حكوماتنا”.

وشددت على أن هدفهم “بطبيعة الحال هدف إنساني، يقوم على توصيل المساعدات إلى سكان غزة الذين يتعرضون ليس فقط للقصف وإنما أيضاً للمجاعة”، مشيرة إلى أن تحركهم هو “تحرك سياسي، فنحن نمثل بمهمتنا هذه وأجسادنا، بشكل أو بآخر، مجتمعاً مدنياً نحظى بدعمه القوي ومعارضته لحالة التعايش والتقاعس التي عليها حكوماتنا التي لا تفعل شيئاً البتة حيال ما يرتكبه نتنياهو من فظائع”.

وختمت بقولها إن “جميع مكونات المجتمعات الغربية تنزل إلى الساحات وتنضم إلينا، وهذا ما يمكن ملاحظته جلياً من خلال ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي والفعاليات التي ينظمونها، والمساعدات التي يرسلونها من خلالنا. كل ذلك يؤكد كيف أن المجتمع المدني بحاجة إلى إثبات إلى أي جانب يصطف، أي إلى جانب الصواب والضعفاء. لذا، فإننا نتشرف بأننا نمثل هؤلاء جميعاً”.

الصورة

 سيلفيا سيفيريني

الناشطة الإيطالية سيلفيا سيفيريني