الكويت تطلب عروضاً لتنفيذ مشروع محطة الخيران لتوليد لكهرباء وتحلية المياه

دعت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت ائتلافات دولية مؤهلة مسبقًا لتقديم عطاءاتها والمشاركة في المزايدة المتعلقة بتنفيذ مشروع محطة الخيران لتوليد الكهرباء وتحلية المياه – المرحلة الأولى، الذي سيضيف ما لا يقل عن 1.8 جيغاواط من الكهرباء و125 مليون غالون من المياه يوميًا، بحسب وكالة “رويترز”.

وتواجه الكويت، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وأحد كبار منتجي النفط، أزمة حادة في الكهرباء نتيجة النمو السكاني السريع والتوسع العمراني وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب تأخر أعمال الصيانة في بعض المحطات. وقد أجبرت هذه الظروف الحكومة منذ العام الماضي على اللجوء إلى قطع الكهرباء في بعض المناطق وفق جداول زمنية محددة.

وقالت الهيئة إن المشروع سيُطوَّر وفق نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويتعلق بتمويل وتصميم وبناء وتشغيل وصيانة ونقل المحطة التي ستُقام على بُعد 100 كيلومتر جنوب مدينة الكويت على ساحل الخليج، وذلك في إطار خطط الحكومة لزيادة قدرة إنتاج الكهرباء والمياه، بحسب الإعلان المنشور في صحيفة الرأي أمس الأحد.

ووجّهت الهيئة دعوة إلى ثلاثة ائتلافات لتقديم عطاءاتها، الأول تقوده شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، الثاني تقوده شركة أكوا باور السعودية، أما الثالث فتقوده شركة تشاينا باور إنترناشونال هولدينغ. كما دُعيت شركتا نبراس للطاقة وسوميتومو كوربوريشن للمشاركة. وأوضحت الهيئة أن الفائز سيؤسس شركة المشروع التي ستوقّع عقدًا مدته 25 عامًا لبيع الكهرباء والمياه لوزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة.

ويقوم نظام الشراكة على تأسيس شركات مساهمة عامة تضطلع بتنفيذ المشروعات، بينما يديرها شريك استراتيجي مع بيع السلع والخدمات المنتجة للدولة. وينص القانون على أن 50% من أسهم هذه الشركات يُخصص للمواطنين الكويتيين، بينما تُخصص نسبة تتراوح بين 26% و44% لمستثمر استراتيجي قد يكون كويتيًا أو أجنبيًا أو تحالفًا بين عدة مستثمرين، على أن تملك الحكومة النسبة الباقية.

وكانت الهيئة قد وقّعت وثيقة التزام لتنفيذ مشروع محطة الزور الشمالية لتوليد الطاقة – المرحلتين الثانية والثالثة مع تحالف يضم شركة أكوا باور السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار في آب/آب الماضي، بتكلفة تتجاوز مليار دينار كويتي (3.27 مليارات دولار)، وبدعم تمويلي من بنوك محلية وعالمية. وقد شكّلت مراسم التوقيع حينها انطلاقة لواحد من أكبر مشروعات الكهرباء في الدولة الخليجية التي تسعى إلى معالجة النقص الحاد في الكهرباء.

وكانت أسماء الموسى، المديرة العامة لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالتكليف، قد قالت لـ”رويترز”، في أيار/أيار، إن مشروعات الطاقة التي تطرحها الهيئة سوف تساهم في إنهاء أزمة الطاقة في البلاد، مشيرة إلى أن الهيئة تعمل على دراسة وطرح عدة مشروعات من شأنها رفع العبء المالي عن ميزانية الدولة، إذ سيتحمّل القطاع الخاص تكلفة هذه المشاريع.

وتعاني الكويت منذ سنوات من تحديات متصاعدة في مجال الطاقة والمياه، إذ تعتمد بشكل شبه كامل على النفط مصدرًا رئيسيًا لتوليد الكهرباء، وهو ما جعل المنظومة عرضة للضغط في ظل الارتفاع المستمر في الاستهلاك. فمع النمو السكاني المتسارع والتوسع العمراني الكبير والتطور الصناعي، تزايد الطلب على الكهرباء والمياه بشكل غير مسبوق. وقد تفاقمت الأزمة خلال الأعوام الأخيرة نتيجة تأخر خطط الصيانة والتوسعة، فضلًا عن ارتفاع درجات الحرارة التي تزيد من استهلاك أجهزة التكييف، ما يشكّل نحو 70% من الحمل الكهربائي في فصل الصيف.

في المقابل، تتبنى الكويت منذ مطلع الألفية الثالثة سياسة الانفتاح على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) وسيلةً لتطوير البنية التحتية الحيوية، مع تقليل العبء المالي عن كاهل الدولة التي تعتمد ميزانيتها بدرجة كبيرة على إيرادات النفط. وقد شهد هذا النموذج تطبيقات في مجالات عدة، من أبرزها مشروعات الكهرباء والمياه، لا سيما محطة الزور الشمالية التي عُدت أول مشروع مستقل لإنتاج الطاقة والمياه في الكويت. نجاح هذه التجربة فتح الباب أمام مشاريع أخرى، مثل مشروع الخيران الذي يُنتظر أن يخفّف الضغط عن الشبكة الكهربائية والمائية ويمنح الدولة مرونة أكبر في مواجهة ذروة الطلب.

كما أن دخول شركات إقليمية وعالمية كبرى، مثل أكوا باور السعودية وطاقة الإماراتية وتشاينا باور، يعكس التنافس الدولي على الاستثمار في قطاع الطاقة الكويتي، ويدل على ثقة المستثمرين بالبيئة التشريعية لنظام الشراكة في الكويت، رغم التحديات البيروقراطية والتنظيمية التي أُثيرت في مراحل سابقة.

ويمثّل مشروع محطة الخيران لتوليد الكهرباء وتحلية المياه خطوة استراتيجية ضمن جهود الكويت لتأمين احتياجاتها المتنامية من الطاقة والمياه، وتجاوز الأزمة التي أجبرتها مؤخرًا على اللجوء إلى تقنين التيار. كما يعكس المشروع توجهًا متزايدًا نحو تعزيز دور القطاع الخاص والاستفادة من خبرات الشركات العالمية في تطوير البنية التحتية الحيوية. لكن نجاح هذا المشروع وغيره من المشاريع المستقبلية لن يقاس فقط بقدرته على إضافة طاقة إنتاجية جديدة، بل أيضًا بمدى استدامة النموذج المالي والتشغيلي، وقدرته على مواكبة الطلب المتزايد والتغيرات المناخية والاقتصادية. وفي ظل الاعتماد الكبير على النفط وتذبذب أسعاره، يظل تطوير مصادر طاقة بديلة ومتجددة أحد الخيارات التي لا مفر منها على المدى الطويل لضمان أمن الطاقة في الكويت.

(رويترز، العربي الجديد)