نفذت الجزائر عملية واسعة النطاق للسيطرة على الشركات والجمعيات والمؤسّسات في إطار مكافحة غسل الأموال من خلال مجموعة من التدابير الرامية لمكافحة إعادة تدوير الأموال القذرة، وإلى جانب الاعتماد على منظومة قانونية أكثر قمعية، كثفت الأجهزة الأمنية عملياتها الميدانية للتصدي للظاهرة. وتسعى الجزائر إلى مضاعفة الإجراءات القانونية والميدانية للخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي “غافي” التي صنفتها فيها في تشرين الأول/تشرين الأول الماضي.
وبنت الأجهزة الأمنية خططتها استناداً إلى تقارير ميدانية شاركت فيها العديد من القطاعات الاقتصادية والدوائر ذات الاختصاص، على غرار المديرية العامة للضرائب والمركز الوطني للسجل التجاري، لتحديد القطاعات الأكثر عرضة لهذا النوع من المآذارات قصد تركيز إجراءات الرقابة عليها.
القطاعات المعرّضة لخطر غسل الأموال
أوضحت التقارير أن 976173 شركة تجارية خضعت في المجمل للرقابة ضمن العملية الواسعة، بما في ذلك 77691 شركة ذات مسؤولية محدودة، و9012 شركة مساهمة، 51669 شركة من نوع ملكية فردية ذات مسؤولية محدودة، 750 شركة صناعية وتجارية عامة، و544 مجمعاً، 6481 منظمة تابعة للمجتمع المدني، و43 شركة عقارية.
كما شملت هذه المراقبة أيضاً، 137752 منظمة غير ربحية، منها 173736 جمعية، و16 مؤسسة، 15125 مؤسسة وقفية، وبالتالي فقد أتاح المسح تحديد الأشخاص الاعتباريين ذوي المخاطر المتوسطة وذوي المخاطر المنخفضة في ما يتعلق بقضية غسل الأموال في الجزائر.
وأظهرت النتائج أن الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والشركات المساهمة، والجمعيات الناشطة في إطار المجتمع المدني، تصنّف ضمن الفئة الأولى من حيث الخطورة، ما استدعى التوصية بتركيز الرقابة عليها لارتفاع احتمال تعرضها لعمليات تبيض الأموال.
مخاطر مرتفعة في تجارة الذهب
في السياق نفسه، حذّر تقرير قطاعي صادر عن الإدارة العامة للضرائب من وجود مخاطر عالية لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في قطاع تجارة الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب والفضة والبلاتين، المصنف من البنك الدولي ضمن القطاعات ذات المخاطر المتوسطة إلى المرتفعة.
وأظهرت الدراسة المسحية، التي شملت 396 تاجراً من فئات مختلفة تشمل الحرفيين، والتجار بالتجزئة، والمصنعين والمستوردين، أنّ 71% منهم لا يلتزمون على نحوٍ كافٍ بإجراءات الامتثال الخاصة بمكافحة غسل الأموال كما أشار التقرير إلى أنّ جميع المعاملات تقريباً تجري نقداً (100%)، وهو ما يعزز احتمالات استغلالها في عمليات مشبوهة ويعيق آليات التتبع المالي.
وبيّن التقرير، الذي اطلعت “العربي الجديد” عليه، أنّ 60% من المتعاملين لا يستعملون وسائل دفع قابلة للتتبع مثل الشيكات أو التحويلات البنكية، كما أنّ 80% من التجار أظهروا معرفة سطحية بالإطار القانوني والتنظيمي، مع قصور في تطبيق إجراءات المراقبة المستمرة وحفظ السجلات. في المقابل، كشف التقرير عن مستويات ضعيفة جداً في التبليغ عن المعاملات المشبوهة، إذ يفتقر معظم التجار إلى إدراك معايير “المؤشرات الحمراء” المرتبطة بتمويل الإرهاب، مع اعتمادهم على تقديرات شخصية بدل مؤشرات موضوعية.