لبنان: “حوار” بري قيد الدرس وسط ترقّب لمضمون خطة الجيش لسحب السلاح

يطلّ لبنان على أسبوع حافل بالمشاورات السياسية والاتصالات الداخلية والخارجية المكثفة، قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، يوم الجمعة، لمناقشة الخطة التطبيقية لحصر السلاح، وسط ترقّب لردات الفعل على مبادرة الحوار التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري أمس الأحد. وشنّ بري أمس هجوماً على الورقة الأميركية، رافضاً السير بها، من دون أن يقفل الباب في المقابل على ملف حصر السلاح بيد الدولة، معرباً عن الانفتاح على مناقشة مصيره في إطار خريطة طريق تقوم على حوار هادئ توافقي، تحت سقف الدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري والقوانين والمواثيق الدولية، بما يفضي إلى صياغة استراتيجية للأمن الوطني تحمي لبنان، وتحرّر أرضه، وتصون حدوده المعترف بها دولياً.

وتأتي مبادرة بري قبل أيام من الجلسة المنتظرة لمجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل، بعدما كانت مقرّرة غداً الثلاثاء، إفساحاً في المجال أمام التوافق على حلّ يجنّب لبنان أي سيناريو صدامي، ولا سيما مع الجيش اللبناني، علماً أنّ الأنظار تبقى أيضاً على التهديد الإسرائيلي، الذي ترتفع وتيرته ويُترجم ميدانياً بتكثيف الغارات، للضغط على لبنان بغية التسريع في عملية نزع سلاح حزب الله، وكذلك أميركياً، في ظل التلويح بإمكان نزع السلاح بالقوة العسكرية.

وتتمسّك القوى المعارضة لحزب الله وحركة أمل بضرورة سير الحكومة بخطة سحب السلاح وعدم التراجع عن ذلك، معتبرة أن الفرصة اليوم متاحة لإنهاء هذا الملف، خصوصاً أن كل محاولات الحوار السابقة قد فشلت، ملوّحة بأن أي تأخير أو مماطلة أو خطوات رمادية من شأنها أن تزيد المخاطر على لبنان. وبحسب معلومات “العربي الجديد”، فإن “مبادرة بري قيد الدرس من قبل الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، وهما حريصان على السير بأي خطوة من شأنها أن تجنّب البلاد أي صدام، لكن في الوقت نفسه متمسّكان بالمضي قدماً بحصر السلاح بيد الدولة، وكذلك بانعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة، وضرورة مشاركة الجميع فيها لمناقشة الخطة التي كُلّف الجيش بوضعها، فهذه أيضاً بالنسبة إلى الرئيسين فرصة للنقاش وتبادل الآراء، وضمن مؤسسات الدولة، علماً أن القرار بشأن الخطة قد لا يتخذ في الجلسة نفسها”.

وتبعاً للمعلومات، فإنّ “الرئيس عون يجري اتصالات خارجية، ولا سيما مع فرنسا وأميركا، من أجل الضغط على إسرائيل لتنفيذ تعهداتها، والإشارة إلى الخطوات التي قام بها لبنان حتى اليوم، والتي تظهر مدى جديته في تطبيق قراراته، لكن في الوقت نفسه يجب أن يُلاقى بخطوات مقابلة وضمانات من شأنها أن تزيل الهواجس اللبنانية”. وفي هذا الإطار، يقول مصدر مقرّب من بري لـ”العربي الجديد”، إنّ “رئيس البرلمان قدّم أمس مبادرته، ودعا إلى الحوار، كما يدعو إليه دائماً، فلا يمكن حلّ أي أزمة في لبنان إلّا بالتوافق والالتقاء، ولا يمكن القبول بالضغط على لبنان بهذا الشكل وتهديده”.

ويلفت إلى أن “بري لم ينع الورقة الأميركية، بل على العكس، فلبنان ليس الطرف الذي يخرق الاتفاقات، والدليل أنه منذ إقرار أهدافها، زادت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، كما أن الموفد توماس برّاك لم يأتِ بأي جواب إسرائيلي، لا بل على العكس تراجع عن كلامه، وبالتالي، لا يمكن تحميل لبنان اللوم”. ويشدد المصدر على أن “فرصة لبنان الوحيدة تبقى في الحوار الداخلي، وعلى جميع الأفرقاء الالتقاء ووضع الخلافات والحسابات السياسية الخاصة جانباً، ونحن سننتظر ردات الفعل”، لافتاً إلى أن “حزب الله وحركة أمل يدرسان خطواتهما، وكل الاحتمالات مفتوحة حتى جلسة الجمعة، وفيها، ولن نفعل إلا ما هو في مصلحة لبنان والحفاظ على مؤسسته العسكرية”.

على خطّ آخر، تتجه الأنظار إلى الخطة التي أعدّها الجيش اللبناني لحصر السلاح، والتي يجب أيضاً أن تلقى الضوء الأخضر من الولايات المتحدة التي طلبت الاطلاع عليها. ويؤكد مصدر عسكري لـ”العربي الجديد”، أنّ “الجيش، ومن خلال لجنة عسكرية موسّعة، أعدّ خطة تطبّق على مراحل، سواء على صعيد نوعية السلاح، أو تقسيم المناطق، وعمل عليها بهدوء ودقة، لأن هدفه الأساسي حماية السلم الأهلي والاستقرار”. ويشير المصدر إلى أن “الخطة تشمل أولاً كيفية سحب السلاح وإنهاء كافة العمليات في جنوب الليطاني التي سبق أن بدأت، علماً أن ما يعيق استكمال الجيش انتشاره هو استمرار الاحتلال والاعتداءات، ومن ثم شمال الليطاني والمناطق الأخرى، كما تُركّز على التحديات التي يواجهها الجيش والحاجات اللازمة للقيام بمهامه، ومن هنا تتضمن بالتالي المطالبة بتعزيز قدراته وتقديم الدعم المطلوب له”.