قاطع ناشطون مؤيّدون لفلسطين عرضاً موسيقيّاً لأوركسترا ملبورن السيمفونية (Melbourne Symphony Orchestra) ضمن مهرجان “بي بي سي برومز” (BBC Proms) في قاعة “رويال ألبرت هول” (Royal Albert Hall) في لندن، متّهمين إدارة الأوركسترا بمحاولة إسكات الفنانين الذين وجّهوا انتقادات إلى إسرائيل بسبب مآذاراتها في غزة.
وتولّت مجموعة “فنانون يهود من أجل فلسطين” (Jewish Artists for Palestine) قيادة الاحتجاج مساء الجمعة، حيث استمرّت المقاطعة أكثر من عشر دقائق، وراح بعض المشاركين يصرخون من الشرفات العليا بشعارات يتهمون فيها إدارة الأوركسترا بـ “إسكات الفنانين” و”إسكات الاحتجاج”. وأظهرت مقاطع مصوّرة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أعضاء المجموعة وهم يرفعون لافتة كتب عليها “فنانون يهود من أجل فلسطين”، وأخرى حملت عبارة “متواطئون في الإبادة الجماعية”.
أحد المحتجين صاح قائلًا: “لدى أوركسترا ملبورن دماء على يديها. لقد أسكتم جايسون غيلهام”. وفي بيان صادر عن “فنانون يهود من أجل فلسطين”، ورد: “نرفض التمويل الصهيوني، والرقابة، والتواطؤ داخل مؤسساتنا الثقافية”.
من جانبها، اعتبرت الأوركسترا أنّ الحفل في لندن شكّل “ذروة الجولة الأوروبية الناجحة للأوركسترا”، مؤكّدة أن العازفين قدّموا “أداءً عالميّ المستوى في واحدة من أعظم قاعات الموسيقى في العالم”. وأضاف متحدّث باسم الأوركسترا: “نحن فخورون بأوركسترا ملبورن السيمفونية لما أظهرته من صمود واحترافية خلال العرض في لندن”.
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت يلاحق فيه عازف البيانو الشهير جايسون غيلهام (Jayson Gillham) الأوركسترا قضائيّاً، بعد إلغاء حفل كان مقرّراً له في ملبورن بتاريخ 15 آب/آب 2024. ويؤكّد غيلهام أنّ إلغاء الحفل كان محاولة لإسكاته بسبب موقفه المؤيّد لغزة.
وفي بيان عقب احتجاج الجمعة، أبدى غيلهام تعاطفه مع أصدقائه قائلاً “أصدقائي وزملائي في الأوركسترا الذين اضطروا إلى تحمّل تبعات ذلك رغم عدم صلتهم بقرار إلغاء حفلي، إلا أنّ الاحتجاج يسلّط الضوء على التدهور الكبير في سمعة أوركسترا ملبورن عالميّاً، بسبب قرارات إدارتها التي ألغت مشاركتي قبل أكثر من عام”. وأضاف: “إسكات من يحاول تسليط الضوء على الظلم وتكريم الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون الإبادة، أمر مرفوض لدى الفنانين في كل مكان. لا يريد الفنانون أن يُجبروا على الصمت بشأن فلسطين من أجل ضمان عملهم أو استمرار مسيرتهم الفنية. بإمكان الأوركسترا معالجة هذا الأمر عبر التأكيد أنّ الفنانين لطالما تحدّثوا عن قضايا الضمير، ولهم الحق في القيام بذلك على خشبة المسرح”.
وجاء إلغاء مشاركة غيلهام عقب حفل عزف فيه مقطوعة قصيرة بعنوان “شاهد” (Witness) للمؤلف الأسترالي كونور دي نيتو (Connor D’Netto)، مكرّسة لذكرى الصحافيين الذين قُتلوا في حرب غزة. وخلال تقديمه المقطوعة للجمهور، قال غيلهام إنّ أكثر من 100 صحافي فلسطيني قُتلوا، معتبراً استهداف الصحافيين في النزاعات “جريمة حرب بموجب القانون الدولي”.
لكن إدارة الأوركسترا أرسلت لاحقاً بريداً إلكترونيّاً للجمهور تعلن فيه إلغاء مشاركة غيلهام في 15 آب/آب، مبرّرة القرار بأن تصريحاته “لم تحصل على موافقة الإدارة” وسبّبت “إزعاج” بعض الحاضرين. وأشارت في بيان لاحق إلى أنّ الخطوة “لم تكن مرتبطة بحرية التعبير” ولا تتعلّق “بآراء سياسية”، لكنها اعترفت بأن قرار الإلغاء “كان خطأ”، مؤكّدة أنها تحاول التواصل مع غيلهام لإعادة جدولة الحفل.
وقدّمت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” اعتذاراً عن توقف البث المباشر للحفل على إذاعة “بي بي سي راديو 3″، بعدما تم تحويله إلى موسيقى مسجّلة مسبقاً. وأشارت متحدثة باسم “بي بي سي” أن الأولوية دائماً “هي سلامة الحاضرين والمشاركين”، شاكرةً الطاقم الفني والعازفين على “استجابتهم التي ساعدت في تقليل الاضطراب”. ونقلت “بي بي سي” عن إحدى الحاضرات، أنجيلا تانر، أنّ إخراج المحتجّين استغرق “وقتاً طويلاً”، وأن البرنامج اضطر إلى إعادة الترتيب بعدما أُدخل البيانو إلى المسرح ثم أُزيل مرة أخرى. وفي أيار/أيار الماضي، أمرت المحكمة الفيدرالية في أستراليا بمواصلة النظر في دعوى غيلهام، على أن تبدأ المحاكمة في الأول من كانون الأول/كانون الأول المقبل.