بعد ثلاثة أشهر من إعلان مجلة بيزنس إنسايدر (Business Insider) خطتها لشطب نحو ثلث وظائفها في ظل تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، اضطرت المجلة المملوكة لدار النشر العملاقة “أكسيل سبرنغر” (Axel Springer) إلى حذف مقالات اتضح أنها كُتبت باستخدام الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لصحيفة برس غازيت (Press Gazette) البريطانية المتخصّصة في شؤون الإعلام، فإن مطبوعتين أخريين هما مجلة وايرد (Wired) المتخصّصة في التكنولوجيا، وموقع منظمة “إندكس أون سينسورشيب” (Index on Censorship) المعنية بمراقبة حرية التعبير، اضطرتا بدورهما إلى حذف مقالات نُشرت باسم الكاتبة ماراجو بلانشارد. وجاء الحذف بعدما تبيّن أنّ المقالات تحتوي على تلفيقات صارخة، من بينها اختلاق أسماء بلدات وشركات، وهي تفاصيل لم يلتفت إليها المحررون قبل النشر.
ودقّت صحيفة ذا ديسباتش (The Dispatch) البريطانية ناقوس الخطر، فبعد أن طلبت من بلانشارد مقالاً عن بلدة تعدين وهمية في ولاية كولورادو، نقلت التفاصيل إلى برس غازيت. وفي سياق مماثل، نشرت مجلة وايرد مقالًا لبلانشارد حول أشخاص حقيقيين “يتزوّجون” عبر الإنترنت من خلال منصّات مثل “ماينكرافت” (Minecraft) و”روبلوكس” (Roblox). لكن المجلة اعترفت في آب/آب الجاري، في مقال اعتذار، بأنّها “تعرّضت للاحتيال من جانب كاتب حر استخدم الذكاء الاصطناعي في كتابة المقال كاملًا”، مضيفة: “إذا كانت هناك جهة يُفترض أن تكتشف احتيال الذكاء الاصطناعي فهي ’وايرد‘… للأسف، نجح أحدهم في تضليلنا”.
أما “بيزنس إنسايدر”، فقد نشرت لبلانشارد مقالين في إبريل/نيسان الماضي، أي قبل نحو شهر من إعلانها تسريح 21 % من موظفيها ضمن خطتها “لتبنّي الذكاء الاصطناعي بشكل كامل”. كان عنوان المقال الأول: “العمل عن بُعد كان أفضل شيء لي والداً، ولكنه الأسوأ بالنسبة لي شخصاً”، بينما حمل الثاني عنوان: “أنجبت طفلي الأول في سن الخامسة والأربعين. أنا مستقر مالياً ولدي سنوات من الخبرة الحياتية تُرشدني”. وبعد ذلك حذفت المجلة المقالين واستبدلتهما برسالة قصيرة على الموقع تقول: “حُذف هذا المقال لعدم استيفائه معايير بيزنس إنسايدر”.
ويمثّل هذا التطوّر انتكاسة للجهود التي تبذلها العديد من غرف الأخبار لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتشير دراستان أُجريتا في آذار/آذار وآب/آب الماضيين إلى أنّ نحو نصف صحافيي العالم يعتمدون اليوم على الذكاء الاصطناعي في إنتاج موادهم الصحافية.
(أسوشييتد برس)