واشنطن تلغي تأشيرات محمود عباس و80 مسؤولاً فلسطينياً قبيل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

ألغى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تأشيرات دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس و80 مسؤولا آخرين قبل الاجتماعات السنوية رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة الشهر المقبل، والتي كان يتم تمثيل الفلسطينيين فيها سابقا. وكشف مسؤول بوزارة الخارجية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، يوم الجمعة، وفق ما أوردته وكالة “أسوشييتد برس”، أن عباس ومسؤولين آخرين من السلطة الفلسطينية من بين المتأثرين بهذا القرار.

بدوره، قال موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي إنه حصل على معلومات تؤكد أن قرار الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بعدم منح تأشيرات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية، يشمل محمود عباس بالإضافة إلى نحو 80 مسؤولاً ضمن الوفد الفلسطيني. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ “وزير الخارجية ماركو روبيو يرفض ويلغي تأشيرات أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة”، حيث تعتزم فرنسا ودول أخرى الاعتراف بدولة فلسطين.

وفيما لفت تقرير أكسيوس إلى أن منع عباس من حضور أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ أيلول المقبل “خطوة غير مسبوقة”، أوضح أن ذلك يضع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تقريباً في مواجهة باقي دول العالم، لاسيما بعد إبداء فرنسا و14 دولة أخرى، من بينها كندا وأستراليا، عزمها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول. وجاء إعلان ذلك ضمن مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين يومي 28 و29 تموز/تموز الماضي.

وأعاد موقع أكسيوس نشر ما نقله في وقت سابق اليوم عن مصادر قالت إنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحاول منع عباس من إصدار “إعلان استقلال” خلال خطابه أمام الجمعية العامة، مشيرة إلى أنّ السلطة الفلسطينية تدرس فعل ذلك. وكشف أكسيوس أنّ هذه القضية أثيرت خلال الاجتماع الذي جرى بين وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر وروبيو في واشنطن، أول أمس الأربعاء. وذكر نقلاً عن مصادر مطلعة على تفاصيل اللقاء، أنّ ساعر شجّع روبيو على منع إصدار التأشيرات لصالح الوفد الفلسطيني للحيلولة دون مشاركته في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقبل أن يتضح أن عباس مشمول بالحظر الأميركي، طالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية بالتراجع عن القرار الصادر عن وزارة الخارجية. وأعربت في بيان عن أسفها واستغرابها الشديدين من القرار، مؤكدة أن “هذا القرار يتعارض مع القانون الدولي واتفاقية المقر (أبرمتها الولايات المتحدة مع الأمم المتحدة المبرمة عام 1947)، خاصة أن دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة”. وأكدت التزامها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وجميع التزاماتها تجاه السلام، كما ورد في رسالة محمود عباس إلى جميع رؤساء العالم، بمن فيهم ترامب.

وبموجب اتفاقية المقر، فإن الإدارة الأميركية ملزمة بالسماح للوفود من مختلف أنحاء العام بالقدوم إلى نيويورك من أجل المشاركة في أشغال الجمعية العامة. وفي محاولة لتبرير خطوتها تلك، اتهمت الخارجية الأميركية الفلسطينيين بشنّ “حرب قانونية” من خلال لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل. وعبارة “الحرب القانونية” كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدمها باستمرار لوصف متاعبه القانونية بعد مغادرته الرئاسة إثر انتهاء ولايته الأولى. وأضافت أن “إدارة ترامب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام”.

وقالت الخارجية الأميركية إنّ السلطة الفلسطينية يجب أن توقف “محاولات تجاوز المفاوضات من خلال حملات حرب قانونية دولية” و”الجهود الرامية إلى ضمان الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية افتراضية”. بموجب الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة بوصفها دولة مضيفة للمنظمة الأممية في نيويورك، ليس من المفترض أن ترفض واشنطن منح تأشيرات للمسؤولين المتوجهين إلى المنظمة. واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنها ملتزمة بالاتفاق من خلال سماحها بوجود البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة.

في الأثناء، نقل أكسيوس عن مسؤول فلسطيني قوله إنه ليس واضحاً بعد المغزى من وراء القرار الأميركي، موضحاً أن السلطة الفلسطينية لم تتلق بعد أي إخطار رسمي بشأن إلغاء التأشيرات. وأضاف المسؤول ذاته أن السلطة الفلسطينية كانت تدرك إمكانية لجوء الإدارة الأميركية لهذه الخطوة وناقشتها قبل بضعة أسابيع مع مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس.

وفي الصدد، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، خلال مؤتمر صحافي الجمعة: “من المهم أن يتم تمثيل جميع الدول الأعضاء والمراقبين الدائمين في أعمال الجمعية العامة، حيث تنظم فرنسا والسعودية اجتماعاً حول حل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني”، معرباً عن أمله في حل مسألة منح التأشيرات للوفد الفلسطيني للمشاركة في هذه الأعمال. وذكر أنه ستتم مناقشة هذا الموضوع مع وزارة الخارجية الأميركية وفقا لاتفاقية مقر الأمم المتحدة، مضيفاً “نود أن نرى جميع الدبلوماسيين والمندوبين الذين يحق لهم الحضور هنا قادرين على السفر بحرية”.