قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مقابلة بثها التلفزيون الإيراني مساء الجمعة، إن “إيران لم تسع يوماً ولن تسعى إلى الحرب“، مؤكداً في الوقت نفسه أن بلاده “ستقف بقوة في وجه أي معتد”. واتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بـ”ارتكاب جرائم اغتيال وبمحاولات لتقسيم إيران” منذ عام 1979 حتى اليوم. وتأتي المقابلة بعد يوم على إعلان فرنسا وبريطانيا وألمانيا (الترويكا الأوروبية) تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة للعقوبات على إيران (سناب باك) بسبب اتهامات لها بانتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
واعتبر بزشكيان أن أعداء إيران “أخطؤوا في تقديراتهم خلال الحرب الأخيرة في حزيران/حزيران الماضي”، حين اعتقدوا أن “إيران في أضعف موقع، وأن أي هجوم سيقود الشعب إلى الشوارع وينهار النظام والثورة”، مؤكداً أن هذا النوع من “الطمع والخطأ ليس بالأمر الجديد”. ودعا الشعب والمسؤولين إلى “صون وحدة الصف والتضامن”، مشدداً على أن “تكاتف الشعب يجعل أي قوة عاجزة عن التجرؤ على النيل من هذه الأرض”.
وتابع بزشكيان “إيران وطن لجميع أبنائها، وليست حكراً على فئة بعينها”، محذراً من أن “الأصوات التي تمزق وحدة الصف، وغياب العدالة بحق شرائح في المجتمع، أخطر من آلية سناب باك نفسها”. واعتبر أن “ثمرة الوحدة الوطنية ظهرت جلياً في الحرب الأخيرة”، التي شنّتها إسرائيل على إيران في حزيران/ حزيران الماضي، ودامت 12 يوماً تخللتها ضربات أميركية على المنشآت النووية الرئيسية الثلاث في إيران.
وجدد بزشكيان رفضه لتطبيق قانون الحجاب، معتبراً أن تنفيذه “كان سيؤدي إلى زيادة التوتر في المجتمع”. كما أقرّ بأنه من الناحية القانونية “لا يملك صلاحية مطالبة السلطة القضائية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين”، مضيفاً: “أتمنى إطلاق سراحهم، لكن الأمر ليس بيدي”، مؤكداً أن حل القضايا المرتبطة بمؤسسات أخرى يتطلب “توافقاً وإجماعاً وطنياً”.
وردّاً على اتهامات أوروبية بعدم التزام إيران التعهدات النووية، قال بزشكيان إن هذه الادعاءات “واهية تماماً”، معلناً أن “طهران لا ترحب بتفعيل آلية سناب باك”. وانتقد معارضي الاتفاق النووي في الداخل، مشيراً إلى أن “من كانوا يرفضون الاتفاق كله في الماضي، أصبحوا اليوم ينتقدون سناب باك”، مضيفاً أن الاتفاق النووي “أقرّ بحق إيران في التخصيب”.
عراقجي يحذر الأوروبيين
وفي سياق متصل، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اتصالاً هاتفياً مع نظيره المجري بيتر سيارتو، حذر فيه من تداعيات تحرك الدول الأوروبية الثلاث لزيادة الضغط على إيران عبر التهديد بإعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن السابقة. وأكد عراقجي أن لإيران “الحق في الرد المناسب”، معتبراً أن هذه الخطوة “تضرّ بشدة بمصداقية أوروبا ومكانتها بوصفها طرفاً مفاوضاً، وتثير شكوكاً عميقة بشأن نياتها الحقيقية”.
وفي منشور عبر منصة “إكس”، قال عراقجي إن “الوقت قد حان ليعلن مجلس الأمن والمجتمع الدولي: كفى”. وأضاف أن الدول الأوروبية الثلاث “تعمل بالوكالة عن إسرائيل والولايات المتحدة لمواصلة الضغط على الشعب الإيراني”، مؤكداً أن سلوكها “سيجعلها بلا تأثير وبلا صلة في تعاملها مع إيران”.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أنه شارك في المفاوضات مع الولايات المتحدة طوال العقدين الماضيين، مذكّراً بأن بلاده “شاركت هذا العام في خمس جولات من المفاوضات النووية مع إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب”، لكنه قال إنه “عشية الجولة السادسة، تعرضت إيران لهجوم من إسرائيل أولاً، ثم من الولايات المتحدة”، واصفاً اتهامات أوروبا لطهران بالانسحاب من التفاوض بأنها “تثير الاشمئزاز”.
واتهم عراقجي الاتحاد الأوروبي بعدم الالتزام بتعهداته في الاتفاق النووي عقب انسحاب واشنطن منه عام 2018، محذراً من أن قرار الدول الأوروبية الثلاث ستكون له “تأثيرات سلبية كبيرة على الدبلوماسية”، وأنه “سيُضعف بشدة المفاوضات الجارية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية”، كما أنه “سيدفع إيران إلى اتخاذ رد مناسب”. واختتم قائلاً إن الطريق الذي اختارته أوروبا “إذا لم يتم تداركه، فستكون له تبعات خطيرة على صدقية مجلس الأمن وتهديد مباشر للسلام والأمن الدوليين”.
وأمس نقلت “رويترز” عن مسؤول إيراني كبير قوله إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات “غير قانونية ومؤسفة”، مضيفاً أن الخطوة هي ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها، وقال إن إيران تدرس بعض الخيارات، مثل تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشدداً على أنها لن تتنازل تحت الضغط.