تفعيل “آلية الزناد”.. ما الخيارات أمام إيران لمواجهة العقوبات الغربية؟

تدخل أوروبا مرحلة توصف بـ”الحاسمة” حيال الملف النووي الإيراني عبر تفعيلها آلية “سناب باك” ضد إيران، متأرجحة بين التلويح بالعقوبات وإبقاء نافذة التفاوض مفتوحة. 

كما تدخل أوروبا بخطاب مزدوج بين عصا تضغط على طهران بمهلة ثلاثين يومًا، وجزرة تُغلَّف بحديث “الفرصة الدبلوماسية”.

 تفعيل “سناب باك”

لكن خلف هذه الصياغة الناعمة لمسارات ممكنة يسود قلق عميق من انهيار الاتفاق النووي، ومن تحول إيران إلى لاعب خارج السيطرة في قلب النظام الدولي لعدم الانتشار.

وترى طهران في الخطوة الأوروبية خيانة لروح الاتفاق مع الترويكا، وتلوح بخيارات قصوى تبدأ بتقليص التعاون مع الوكالة الدولية، مرورًا بالتهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار. ويقوم المنطق الإيراني على معادلة “لا تفاوض تحت الضغط”، وعلى استخدام التخصيب كأداة ردع مضادة.

وبين خطاب الصمود في الداخل، ومشهد المواقع النووية المستهدفة إسرائيليًا مؤخرًا، تسعى إيران لتذكير المجتمع الدولي بأنها لن تمشي في مسار إلا بشروطها.

وتنظر واشنطن إلى تفعيل “سناب باك” كخطوة لتوحيد الغرب ضد إيران، بينما تمضي تل أبيب أبعد من ذلك بضربات نوعية تهدف إلى شل البنية النووية الإيرانية.

وروسيا، على الضفة الأخرى تمامًا، تحذر من انزلاق قد يعصف بالتوازن الدولي، واصفة التحرك الأوروبي بأنه مقامرة قد تقود إلى “عواقب لا يمكن إصلاحها”.

وبين هذه المواقف يتقاطع الملف النووي الإيراني بين دبلوماسية مهددة بالتعثر، وضغوط عسكرية مباشرة، وتحذيرات كبرى من انهيار قواعد اللعبة العالمية.

“موقف دبلوماسي”

وفي هذا الإطار، تقول آن جوديتشيلي، أستاذة العلاقات الدولية والأمن العالمي: “إنها طريقة للاتحاد الأوروبي والترويكا الأوروبية لبدء العمل بمبادرة تهدف إلى عدم ترك واشنطن وحدها، وإظهار أن لديهم القوة الدبلوماسية، مع تحديد التوقيت والمهلة الزمنية لتحقيق هدف معيّن يتمثل في الضغط على إيران ودفعها إلى الامتثال للمطالب الأوروبية”.

وتضيف جوديتشيلي، في حديث إلى التلفزيون العربي من باريس، أن توقيت الخطوة الأوروبية مرتبط بوجود مسار دبلوماسي على المحك، ولا سيما أن إسرائيل تعتمد إستراتيجيتها الخاصة في الشرق الأوسط.

وتوضح أن هناك محاولات لعدم ترك الولايات المتحدة تخوض المسار وحدها مع إيران في ما يتعلق بالنووي، ولا سيما أن للأوروبيين دورًا في منطقة الشرق الأوسط.

وتقول إنّ الأوروبيين يريدون أن يكون لهم دور القيادة في الملف النووي الإيراني، إذ يرون أن المسألة لا تُفرَض على إيران من قبل الثنائي الولايات المتحدة وإسرائيل، حسب قولها.

وتلمح إلى أن هناك محاولات للضغط على إيران وفتح باب لمواصلة المفاوضات، في محاولة لإيجاد تنازلات مقبولة من قبلها، وهو الهدف الأساس للترويكا الأوروبية.

 “آلية الزناد”

من جانبه، يرى حسين رويوران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، أن أوروبا قبلت أن تلعب دور رأس الحربة للولايات المتحدة، ولهذا فإن تهديدها بآلية سناب باك هو تهديد أميركي بالأساس، ولا سيما أن واشنطن، رغم هذه الآلية، لن تسمح لها في نهاية المطاف باتخاذ القرار.

ويضيف رويوران في حديث إلى التلفزيون العربي” من طهران، أن “أوروبا تستعمل آلية الزناد بشكل انتقائي، فهي لم تلتزم بالاتفاق النووي جملةً وتفصيلًا، لكنها اليوم تريد الالتزام فقط بجزئية واحدة تتعلق بالعقوبات”.

ويلفت إلى أن الموقف الأوروبي ـ الأميركي ضد إيران يأتي بسبب رفض هذه الأخيرة التفاوض مع واشنطن بعد الغدر الأميركي بالشراكة مع الكيان الصهيوني، حسب قوله.

ويشير إلى أن إيران اليوم تبحث عن الضمانات التي يمكن أن تقبلها كي تدخل في مفاوضات، بما يضمن أن لا تتخذ واشنطن المفاوضات غطاءً لشن هجمات جديدة على إيران.

ويرى أن أوروبا تخطئ بإعادة فرض العقوبات على إيران، ولا سيما أن حل الملف النووي يتم عبر الحوار لا عبر التهديد.

ويقول: إنّ “إيران يمكنها، عبر البرلمان، أن توقف كامل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد تكون هذه مجرد بداية، تليها احتمالية الانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي، بينما يطالب بعض الأطراف الحكومةَ بإغلاق مضيق هرمز”.

واستدرك: “ما تقوم به أوروبا يُعد إعلان حرب ضد إيران، وإن كان ليس في الجانب العسكري، ولا سيما أن طهران تؤكد أنها مع حوار جاد يحترم إرادة الطرفين، وهي مستعدة أيضًا للعودة إلى طاولة التفاوض مع واشنطن”.

“العودة إلى لعب الدور”

بدوره، يقول بنيامين فريدمان، أستاذ الأمن الدولي في جامعة جورج واشنطن، إن الأوروبيين يحاولون الآن العودة إلى لعب دورهم في الملف النووي الإيراني.

ويضيف فريدمان، في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، أن الأوروبيين يريدون العودة إلى آلية سناب باك، من دون أن يطلبوا ذلك من الولايات المتحدة، حسب قوله.

ومضى يقول: “الدول الأوروبية تلتزم حاليًا بدور الضغط على إيران، وهو دور قد لا يكون فعالًا”.

وألمح فريدمان إلى أن “إدارة ترمب تختزل موقفها في الادعاء بأنها دمّرت البرنامج النووي الإيراني، ولهذا فإن موقف واشنطن يتسم بالفوضوية”.