تستعد إسرائيل خلال الأيام القريبة لوقف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية فوق مدينة غزة شمالي القطاع، وتقليص إدخال الإمدادات في خطوة تهدف إلى إجبار مئات آلاف السكان على النزوح نحو الجنوب قبيل العملية العسكرية المرتقبة لاقتحام المدينة، وفق ما أوردته قناة “كان” العبرية الرسمية، اليوم الجمعة. وقالت القناة إن “القرار يستهدف إيصال رسالة إلى أكثر من 800 ألف من سكان غزة بضرورة إخلاء المدينة والتوجه جنوباً، ضمن الإجراءات الممهدة لاحتلالها”.
ونقلت القناة عن مصدر أمني إسرائيلي زعمه أن “البنى التحتية الإنسانية في جنوب القطاع باتت جاهزة لاستقبال السكان”، مضيفة أن التقديرات تفيد بأنّ جيش الاحتلال سيبدأ بإصدار أوامر للفلسطينيين في مدينة غزة بإخلائها، خلال قرابة أسبوع ونصف. ووفق القناة، فإن المستوى السياسي في إسرائيل أوعز، صباح الجمعة، بوقف ما سمّاه “التهدئة التكتيكية” التي كانت تُطبّق في مدينة غزة منذ شهر، وتسمح بساعات محدودة من وقف إطلاق النار اليومي لإدخال مساعدات، وذلك بعد ضغوط وانتقادات دولية حادة حذّرت من تفاقم الجوع في القطاع.
وتفرض إسرائيل حصاراً مطبقاً على 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، منذ 2 آذار/ آذار الماضي، وتآذار بحقهم سياسة تجويع ممنهجة، من خلال إغلاق المعابر الحدودية للقطاع، ما أدخل سكانه في مرحلة المجاعة، وأزهق أرواح كثيرين. ولجأت بعض الدول العربية والغربية، أبرزها الأردن ومصر والإمارات وفرنسا، إلى إسقاط المساعدات من الجو. وبينما يُقال إن المساعدات الجوية تسد بعض احتياجات السكان المحاصرين، يرى أهل غزة أنها طريقة مُذلة تحط من كرامتهم، وأن الحل الأمثل هو فتح المعابر البرية وإدخال المساعدات من خلالها.
ويأتي هذا بينما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، إلغاء الهدنة التكتيكية اليومية في مدينة غزة ومحيطها، واعتبرها منطقة قتال خطيرة، مشيرًا إلى أنه بدأ العمليات التمهيدية والمراحل الأولية للهجوم على المدينة، وأنه “يعمل حالياً بقوة كبيرة على مشارفها”. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال في بيان “بناء على تقييم الوضع وتوجيهات المستوى السياسي تقرر ابتداء من اليوم (الجمعة) في تمام الساعة 10:00، ألا تشمل حالة الهدنة التكتيكية المحلية والمؤقتة للأنشطة العسكرية منطقة مدينة غزة، والتي ستعتبر منطقة قتال خطيرة”. وفي 27 تموز/ تموز الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء ما سماه “تعليقاً تكتيكياً محلياً للأنشطة العسكرية” في مناطق محددة بقطاع غزة، بينها مدينة غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن “التهدئة الجزئية” ستستمر فقط في بعض مناطق الوسطى والمواصي جنوبي القطاع، حيث تخطط إسرائيل إلى تجميع السكان هناك. في موازاة ذلك، تُستكمل التحضيرات في جنوب القطاع لاستقبال المهجرين من مدينة غزة، وفق زعم القناة ذاتها. وفي 8 آب/ آب الجاري، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجياً، بدءاً بمدينة غزة.
والثلاثاء، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إنه خلال 30 يوماً دخلت قطاع غزة نحو ألفين و654 شاحنة، تعرض معظمها للنهب بمساعدة إسرائيل. وشدد على أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات مختلفة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات 2.4 مليون إنسان، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب والإبادة المستمرة. وخلّفت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، بدعم أميركي مطلق، 63 ألفاً و25 شهيداً، و159 ألفاً و490 مصاباً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 322 فلسطينياً بينهم 121 طفلاً.
(الأناضول، العربي الجديد)