الاقتصاد الأميركي تحت المجهر قبل خفض الفائدة: أسهم تتراجع وثقة تتآكل

شهدت الأسواق الأميركية تقلبات ملحوظة مع تراجع الأسهم من مستويات قياسية فيما أظهرت بيانات التضخم المستمرة والإنفاق الاستهلاكي تعقيدات الاقتصاد الأميركي المتأرجح على وقع سياسات الرئيس دونالد ترامب

. بينما يبدي المستثمرون قلقهم إزاء ارتفاع الأسعار وتوقعات الركود المحتملة، تظل أنظارهم موجهة إلى خطوات مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) المقبلة، خاصة مع دعوات إلى خفض أسعار الفائدة وسط مؤشرات مختلطة على نمو الاقتصاد وسوق العمل. هذه التطورات تعكس حالة من عدم اليقين بين المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، مما يضع الاقتصاد الأميركي أمام تحديات مزدوجة: السيطرة على التضخم ودعم النمو المستدام.

فقد تراجعت الأسهم الأميركية من مستوياتها القياسية، حيث أخذ المستثمرون أرباحهم بعد أن أظهرت بيانات مؤشر الإنفاق الشخصي الأساسي (PCE) ارتفاعاً مستمراً للتضخم في تموز/ تموز. وانخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 0.7%، بينما فقد مؤشر ناسداك 100 نحو 1.2%. جاء هذا التراجع رغم استمرار الاتجاه الصعودي لمؤشر S&P 500 على مدى أربعة أشهر متتالية، فيما سجلت أحجام التداول انخفاضاً عن متوسط الثلاثين يوماً، قبيل عطلة عيد العمال.

وكانت شركات محددة مثل Dell Technologies وMarvell Technology قد سجلت انخفاضات حادة في أسهمها بعد أن جاءت مبيعاتها وأرباحها أقل من توقعات المحللين، مما ساهم في الضغط على المؤشرات العامة للأسهم، وفقاً لما أوردت وكالة بلومبيرغ اليوم الجمعة.

وقد أظهرت بيانات تموز ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الأميركي بأكبر معدل خلال أربعة أشهر، ما يعكس قوة الطلب رغم استمرار التضخم. وسجل مؤشر الإنفاق الشخصي الأساسي ارتفاعاً بنسبة 2.9% مقارنة بالعام الماضي، متجاوزاً الهدف المركزي للبنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. هذه الأرقام أثارت تساؤلات حول إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، بعد دعوات صادرة عن محافظي البنك مثل كريستوفر والر لتخفيف تكاليف الاقتراض.

إلى ذلك، حافظت سندات الخزانة الأميركية على مكاسبها الأسبوعية، إذ يبقي توقع خفض الفائدة القادمة المستثمرين متفائلين. حيث سجلت العوائد على السندات قصيرة الأجل استقراراً نسبياً، بينما ارتفعت العوائد على السندات طويلة الأجل عدة نقاط أساس. وقد أظهرت البيانات أن معدل التضخم الأساسي بلغ 2.9% في تموز، فيما تظل توقعات خفض الفائدة مرتفعة خلال الأشهر القادمة.

وقد ساهمت أحداث سياسية، مثل محاولة الرئيس ترامب إقالة محافظة البنك الاحتياطي الأميركي ليزا كوك، في زيادة تقلبات الأسواق على المدى القصير، مع تسليط الضوء على مسألة استقلالية البنك المركزي.

تراجع ثقة المستهلكين في الاقتصاد الأميركي

هذا وأظهرت مسوحات جامعة ميشيغن انخفاض مؤشر ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياته خلال ثلاثة أشهر، متأثراً بالمخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية والتضخم. وتوقع المستهلكون زيادة الأسعار بنسبة 4.8% على مدار العام المقبل، فيما أعرب نحو 63% منهم عن توقعات بارتفاع معدل البطالة، ما يعكس القلق المتنامي بشأن المستقبل الوظيفي والاقتصادي.

ورغم هذه المخاوف، أظهرت البيانات الرسمية أن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع في تموز، مدعوماً بزيادة الدخل، مما يشير إلى مرونة الطلب الاستهلاكي رغم الضغوط التضخمية. ومع ذلك، أشار المحللون إلى أن ارتفاع الأسعار والرسوم الجمركية قد يضغطان على نية المستهلكين لشراء السلع الكبيرة مثل السيارات والأجهزة المنزلية.