أعلنت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، أنها لن تمنح تأشيرات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، حيث تعتزم فرنسا ودول أخرى الاعتراف بدولة فلسطين. وقالت الخارجية الأميركية في بيان إنّ “وزير الخارجية ماركو روبيو يرفض ويلغي تأشيرات أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
واتهمت الخارجية الأميركية الفلسطينيين بشنّ “حرب قانونية” من خلال لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل. وعبارة “الحرب القانونية” كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدمها باستمرار لوصف متاعبه القانونية بعد مغادرته الرئاسة إثر انتهاء ولايته الأولى. وأضافت أن “إدارة ترامب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام”.
وقالت الخارجية الأميركية إنّ السلطة الفلسطينية يجب أن توقف “محاولات تجاوز المفاوضات من خلال حملات حرب قانونية دولية” و”الجهود الرامية إلى ضمان الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية افتراضية”. بموجب الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة بوصفها دولة مضيفة للمنظمة الأممية في نيويورك، ليس من المفترض أن ترفض واشنطن منح تأشيرات للمسؤولين المتوجهين إلى المنظمة. واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنها ملتزمة بالاتفاق من خلال سماحها بوجود البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة.
وأواخر تموز/ تموز الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى أنهما تقوّضان جهود السلام. وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية في بيان حينها أنّ تلك الخطوة تمنع المستهدفين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، مضيفة “من مصلحة أمننا القومي فرض عقوبات ومحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على عدم الامتثال لالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام”.
وتأتي خطوة العقوبات الأميركية بعد إبداء فرنسا و14 دولة أخرى، من بينها كندا وأستراليا، عزمها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ أيلول المقبل، وجاء إعلان ذلك ضمن مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين يومي 28 و29 تموز الماضي. ودعا البيان الختامي لمؤتمر حل الدولتين الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وتسليمه للسلطة الفلسطينية “وفق مبدأ حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.
وكان ترامب
قد تجاهل السلطة الفلسطينية عند إعلانه، في 5 شباط/ شباط الماضي، خططه الخاصة بقطاع غزة والمتمحورة حول تهجير أهل القطاع وتحويله إلى منطقة استثمارات عقارية من دون أن يكون للسلطة دور أو مكان في إدارة القطاع، ما شكّل وقتها مفاجأة للسلطة ورئيسها محمود عباس. وعادت إدارة ترامب في الشهر نفسه إلى إعلان إيقاف تمويل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في إطار قرار تجميد المساعدات الأجنبية على مستوى العالم.
وفي ولايته الأولى، أحدث ترامب تغييرات شاملة لصالح إسرائيل، أدّت إلى قطع العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإدارته، وكان أبرزها قراره الصادر في كانون الأول/ كانون الأول 2017 بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، في خطوة لاقت رفضاً عالمياً، وأثارت تساؤلات حول جدّية واشنطن في التزامها بحل الدولتين، الذي لطالما تبنّته إطاراً لسياستها الخارجية.
وفي تشرين الأول/ تشرين الأول 2018، أعلنت إدارة ترامب إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن على خلفية إعلان السلطة الفلسطينية نيتها التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والاعتداءات الاستيطانية. وكان ذلك المكتب هو الجهة الوحيدة التي ترعى شؤون الفلسطينيين المقيمين في الولايات المتحدة الأميركية. كما اتخذت إدارة ترامب في فترتها الأولى خطوات إضافية ضد السلطة الفلسطينية والفلسطينيين عموماً، إذ فرضت حصاراً مالياً وقطعت المساعدات المقدّمة للسلطة، كما تخلّت عن السياسة الأميركية التقليدية التي كانت تُدين الاستيطان الإسرائيلي والتوسع في الضفة الغربية.
(فرانس برس، العربي الجديد)