أوروبا تدين الهجمات الروسية على كييف وترامب غاضب من طرفي الحرب

دان وزراء الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، بشدة، موجة القصف الجوي الكثيف على كييف الذي نفذته روسيا أمس الخميس، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 23 شخصاً، بينهم أطفال، فيما عبرت الإدارة الأميركية عن انزعاجها من الطرفين الروسي والأوكراني واتهمتهما بعدم الرغبة في السلام. وفي الأثناء، حذرت موسكو من أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا ترفع من احتمالات وقوع مواجهات بين روسيا وأوروبا.

كالاس: بوتين يسخر من جهود السلام

وقالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

عن هجمات الخميس إنها “تُظهر أن (فلاديمير) بوتين يسخر فقط من أي نوع من الجهود التي تُبذل من أجل السلام”. وجاء كلام كالاس عند وصولها إلى كوبنهاغن، عاصمة الدنمارك، للمشاركة في اجتماع يستمر يومين لوزراء دفاع وخارجية دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة).

وأضافت كالاس: “ما يجب أن نفعله هو تعزيز الضغط على روسيا”، مشيرة إلى أن العقوبات الجديدة على صادرات الطاقة والخدمات المالية الروسية “سوف تكون أكثر ما يؤلمهم”، ودعت كالاس دول الاتحاد إلى مواصلة تزويد كييف بالأسلحة، وقالت: “تحتاج أوكرانيا كل دعم عسكري الآن”.

وضربت وزيرة الدفاع الليتوانية دوفيل شاكالين وتراً مماثلاً من جهتها بقولها، الجمعة، إن بوتين “يشتري الوقت بثمن زهيد لقتل المزيد من الناس ولإبداء الاستعداد أنه قد يوقف تصرفاته القاتلة”، وأضافت: “بوتين لا يوثق به”. كما شدد وزير الدفاع الأيرلندي سيمون هاريس على أن بحث فرض المزيد من العقوبات هو أمر “إلزامي” للضغط على روسيا لإنهاء الحرب. وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين قد أعلنت، أمس الخميس، أنه سوف تُطرح الحزمة الـ19 من عقوبات التكتل على روسيا قريباً.

ومن المقرر أن يناقش وزراء دفاع التكتل الأوروبي الضمانات الأمنية لأوكرانيا حال انتهاء القتال، وقالت كالاس إنّ الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعم كييف بمواصلة تدريب الجيش الأوكراني وتعزيز صناعة الدفاع في البلاد، بالإضافة إلى الالتزامات من جانب الدول الأعضاء الأفراد. غير أنها أقرت بأن انتهاء الحرب “ليس قريباً إذا ما نظرنا إلى ما يفعله بوتين”. وتلي محادثات وزراء الدفاع في اجتماع كوبنهاغن، الجمعة، مناقشات لوزراء خارجية التكتل غداً السبت.

السويد تستدعي السفير الروسي على خلفية هجوم كييف

وعلى صعيد ردود الفعل على هجمات موسطو الدموية، استدعت السويد، الجمعة، السفير الروسي احتجاجاً على الضربات الروسية على كييف، وقالت وزارة خارجية السويد إن استدعاء السفير جاء “احتجاجاً على الهجمات الروسية المتواصلة على المدن الأوكرانية والمدنيين”. وكتبت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد على منصة إكس: “من الواضح أن روسيا لا ترغب في السلام في ظل استمرار هجماتها في أنحاء أوكرانيا. حان الوقت الآن لزيادة الضغط على روسيا، بما في ذلك من خلال فرض المزيد من العقوبات”. وأضافت أن الحكومة السويدية “تريد أن ترى سلاماً عادلاً ودائماً في أوكرانيا”.

وشنت روسيا، الخميس، ضربات بصواريخ ومسيرات على مبان تضم شققاً سكنية في العاصمة الأوكرانية، ما أسفر عن مقتل 23 شخصاً على الأقل، بينهم أربعة أطفال، وإصابة حوالي 50 آخرين. كما تضررت بعثة الاتحاد الأوروبي ومبنى المركز الثقافي البريطاني ومكاتب مؤسستين إعلاميتين. واستدعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا السفيرين الروسيين في بروكسل ولندن بعد الهجوم. وأكد سلاح الجو الأوكراني، الخميس، أن روسيا أطلقت 598 مسيّرة و31 صاروخاً، في ثاني أكبر هجوم من حيث العدد الإجمالي منذ اندلاع الحرب. وأفادت عن اعتراض 563 طائرة و26 صاروخاً.

واشنطن: زيلينسكي وبوتين مسؤولان

وفي واشنطن، انتقدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقب موجة القصف الجوي التي شنتها روسيا على كييف الخميس. وقالت ليفيت إن ترامب “ليس سعيداً بهذه الأنباء، ولكنه ليس مُفاجَأً”، مشيرة إلى أن أوكرانيا شنت هجمات فعالة على صناعة النفط الروسي في الأسابيع الأخيرة. وأضافت: “من المحتمل أن طرفي هذه الحرب ليسا مستعدين لإنهائها بنفسيهما.. ويريد الرئيس أن تنتهي ولكن قادة هذين البلدين يجب أن يريدا ذلك أيضاً”.

وأعلن زيلينسكي، اليوم الجمعة، أن ثمانية أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين غداة الهجوم على كييف، وقال على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أكثر من 24 ساعة من الهجوم: “لا يزال مصير ثمانية أشخاص مجهولاً”. وأعلنت كييف الجمعة يوم حداد تكريماً للضحايا. وكان زيلينسكي حثّ حلفائه الغربيين، أمس الخميس، على توجيه “رسالة مشتركة قوية” إلى بوتين بعد هجوم الأمس.

روسيا تحذر من ارتفاع خطر الصراع مع الغرب

إلى ذلك، قالت روسيا، الجمعة، إنّ المقترحات الغربية بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا من شأنها أن تزيد من خطر الصراع بين موسكو والغرب، من خلال تحويل كييف إلى “مصدر استفزازات استراتيجي” على حدود روسيا. ويعمل حلفاء أوروبيون لأوكرانيا على إعداد مجموعة من الضمانات الأمنية التي قد تدرج ضمن تسوية سلام محتملة، تهدف إلى حماية كييف من أي هجوم روسي محتمل في المستقبل.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اليوم الجمعة: “الضمانات الأمنية يجب أن تقوم على تفاهم مشترك يراعي المصالح الأمنية لروسيا”، وذكرت خلال مؤتمر صحافي في موسكو أن المقترحات الحالية “أحادية الجانب ومصممة بوضوح لتحجيم روسيا”.

وأضافات زاخاروفا: “هذا المسار (من المقترحات) ينتهك مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة ويضع كييف في موقع مصدر للاستفزازات الاستراتيجية على حدود روسيا، ما يزيد من خطر انزلاق (حلف شمال الأطلسي) إلى صراع مسلح مع بلادنا”. وقالت موسكو من قبل إنها لا تحبذ المقترحات الأوروبية ولن تقبل بأي وجود لقوات حلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.

وفي اجتماع افتراضي عُقد الخميس بعد الضربات، حثّ زيلينسكي الحلفاء الأوروبيين على “مواصلة الضغط” على الرئيس الروسي لإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه. وقال زيلينسكي: “لم ينفذ بوتين ما قاله. حان وقت التحرك. نحتاج إلى إشارة مشتركة قوية”، مضيفاً: “لا يمكن إنهاء الحرب فعلاً إلا على مستوى القادة”.

وحثّ المشاركين في الاجتماع، بمن فيهم قادة بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا والدنمارك، على تفصيل الضمانات التي سيقدمونها للحفاظ على السلام في أوكرانيا بعد الحرب، وفقاً للبيان. وقال زيلينسكي: “على أوروبا ألا تفوّت هذه الفرصة. بل يجب أن تحدّد أسساً حقيقية للعمل المشترك”، مضيفاً: “سيتوقع ترامب منكم أيضاً أن تحدّد كل دولة في أوروبا مساهمتها بوضوح”.

100 ألف جندي روسي قرب بوكروفسك الأوكرانية

وميدانياً، أعلنت أوكرانيا مقتل شخصين، ليل الخميس الجمعة، في ضربات روسية على دنيبروبيتروفسك، وذلك بعد أيام من اعتراف كييف لأول مرة بتقدم جيش موسكو في هذه المنطقة. وكتب رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية سيرغي ليساك على منصة تليغرام: “للأسف، لقي شخصان حتفهما – رجل وامرأة”. وأضاف ليساك أن ضربة بطائرة مسيرة على منطقة سينيلنيكي أسفرت عن إصابة امرأة تبلغ 50 عاماً، كما أدى هجوم منفصل على مدينة دنيبرو إلى إصابة شخصين، أحدهما “حالته خطيرة”.

ومنذ أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في شباط/شباط 2022، نجت دنيبروبيتروفسك، المنطقة الإدارية المركزية، إلى حد كبير من المعارك العنيفة. لكن كييف أقرت، يوم الثلاثاء االماضي، بدخول القوات الروسية إلى المنطقة عقب تصريحات مماثلة من موسكو الشهر الماضي. ودنيبروبيتروفسك ليست واحدة من المناطق الأوكرانية الخمس – دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزابوريجيا والقرم – التي قالت روسيا إنها أراض روسية.

كما أعلن زيلينسكي، الجمعة، أنّ موسكو حشدت حوالى 100 ألف جندي قرب بوكروفسك، المدينة الرئيسية في شرق أوكرانيا، والتي تقول روسيا إنّها جزء من أراضيها. وقال زيلينسكي لصحافيين: “هناك حشد وتمركز للعدو. ما يصل إلى 100 ألف جندي، هذا ما لدينا حتى صباح اليوم. إنّهم يستعدون لعمليات هجومية على أي حال”، مضيفاً أن القوات الأوكرانية تعمل على التصدي لقوات روسية في منطقة سومي على الحدود الشمالية الشرقية.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، رويترز، العربي الجديد)