شهدت سوق السيارات السورية حدثاً لافتاً على هامش معرض دمشق الدولي مع إعلان وكالة SEVENTY SEVEN عن إطلاق أول سيارات كهربائية من طراز شاومي في البلاد. وتُعد هذه الخطوة الأولى من نوعها، وتفتح الباب أمام دخول السيارة الكهربائية إلى السوق المحلية، وسط تحديات تتعلق بالبنية التحتية وارتفاع الأسعار.
وقال محمود مهند، مدير التطوير في شركة “77 للسيارات الكهربائية”، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنّ “المعارض تشكّل لنا فرصة لإبراز خبرة شركتنا الممتدة لأكثر من 30 عاماً، واليوم نفتخر بأن نكون أول من يؤسس وكالة متخصصة بالسيارات الكهربائية في سورية. لقد أطلقنا باكورة أعمالنا بتوريد 500 سيارة كهربائية إلى دمشق، منها طراز شاومي SUV Ultra وSUV Zero One، وجميعها مزودة بكفالة تصل حتى ثماني سنوات، مع شراكة صينية تضمن تأمين قطع التبديل والصيانة بأحدث التقنيات”.
وأضاف: “قمنا بتركيب محطات شحن كهربائية في دمشق، ولدينا شبكة وكلاء في سبع محافظات تشمل حمص، حماة، طرطوس، حلب، واللاذقية، ما يجعلنا واثقين من أن انتشار هذه المركبات لن يواجه أي عوائق. كما تتضمن خططنا إدخال حافلات كهربائية بمقاسات متعددة، وطرح سيارات أجرة كهربائية موديل 2025، بما يسهم في تعزيز النقل الآمن وخفض الانبعاثات الكربونية ودعم السياحة وتحسين المظهر الحضاري”.
أما بشأن الأسعار، فأوضح مهند أنها تتراوح بين 27 ألف دولار و100 ألف دولار، بحسب الموديل، مشيراً إلى أن الشركة تعمل على أن تكون هذه التجربة بوابة لتوفير مئات فرص العمل للسائقين والإداريين، في وقت تحتاج فيه السوق السورية إلى خيارات جديدة ومستدامة في قطاع النقل.
من جهته، أوضح سمير حمشو، رئيس مجلس إدارة شركة “77 للسيارات الكهربائية”، لـ”العربي الجديد”: ما قمنا به اليوم ليس مجرد إطلاق وكالة جديدة، بل محاولة جادة لتقديم بديل واقعي لوسائل النقل في سورية. فالسيارات الكهربائية لم تعد رفاهية، بل ضرورة في ظل أزمات الوقود وارتفاع تكلفته. أردنا أن تكون البداية من دمشق بتوريد 500 سيارة، على أن نتوسع تدريجياً لتشمل خطتنا إدخال حافلات للنقل العام وسيارات أجرة كهربائية موديل 2025″.
وأضاف حمشو: “هذا المشروع ليس تجارة فقط، بل رؤية طويلة الأمد لقطاع نقل أكثر أماناً وأقل ضرراً بالبيئة، وقادر في الوقت نفسه على خلق فرص عمل جديدة للشباب السوريين. ندرك أن التحديات كبيرة، من البنية التحتية إلى القدرة الشرائية، لكننا نؤمن أن فتح هذا الباب الآن هو استثمار في المستقبل”.
وفي السياق نفسه، تحدث المهندس عبد الرحمن صطيف، المدير التنفيذي لشركة “إلكترو تكسي”، لـ”العربي الجديد”، عن تجربة إدخال سيارات الأجرة الكهربائية في دمشق: “أطلقنا الخدمة خطوةً أولى نحو نقل حضري صديق للبيئة. بدأنا التجربة بـ40 سيارة فقط، واليوم لدينا نحو 1450 سيارة كهربائية تجريبية تعمل في العاصمة، ومن المتوقع أن يرتفع العدد قريباً”.
وأوضح صطيف أن الخدمة تعتمد على تطبيق إلكتروني مخصص للحجز يشمل الرحلات اليومية والموسمية ونقل طلاب المدارس، بهدف تقديم خدمة أكثر تنظيماً وجودة. وقال: “الأجور لا تختلف عن سيارات الأجرة التقليدية، لكننا نراهن على الاعتمادية العالية والخدمة الأفضل”. وأشار إلى أن البنية التحتية الكهربائية في سورية ضعيفة، لكن يُعوَّض هذا الخلل عبر إنشاء محطات شحن خاصة، حيث يوجد حالياً 16 محطة في دمشق، وكل محطة قادرة على خدمة نحو 40 سيارة. وأضاف: “الدراسات الداخلية تشير إلى أننا بحاجة إلى توسعة عدد المحطات لتغطية جميع السيارات في المستقبل”.
تأتي هذه المبادرة في وقت يحتاج فيه السوريون إلى بدائل واقعية للوقود التقليدي وسط ارتفاع تكلفته المستمرة. ومن المتوقع أن تسهم السيارات الكهربائية في خفض الانبعاثات الكربونية بشكل ملموس، وتحسين المشهد الحضري، ودعم السياحة. كما يولي القائمون على المشروع اهتماماً بتوفير فرص عمل لمئات السائقين والإداريين، وتدريبهم على تشغيل المركبات الكهربائية وصيانتها، بما يخلق قطاعاً جديداً للنقل المستدام.
ويرى خبراء أن نجاح هذه التجربة مرتبط بمدى قدرة السوق على التوسع في البنية التحتية، ومدى تقبل المستهلكين لارتفاع الأسعار مقارنة بالسيارات التقليدية، مع أهمية التفكير في حلول تمويلية أو تقسيطية لتسهيل الوصول إلى هذه السيارات. كما يمكن أن تشكّل تجربة السيارة الكهربائية نقطة انطلاق لإدخال مزيد من السيارات الكهربائية للنقل العام والصناعي مستقبلاً، وربطها بخدمات شحن متجددة مثل الطاقة الشمسية.