مصر تعزز إنتاجها من الغاز عبر آبار جديدة في غرب الدلتا لمواجهة الاستيراد

قالت وزارة البترول المصرية، اليوم الجمعة، إنّ الإنتاج بدأ من بئرين جديدتين في المياه العميقة بغرب الدلتا، ما يضيف نحو 60 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز الطبيعي إلى إنتاج البلاد. ونشرت الوزارة بياناً على حسابها في “فيسبوك”، جاء فيه: “أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية نجاح شركة البرلس للغاز في إضافة بئرين جديدتين بالبحر المتوسط، بمنطقة غرب الدلتا العميقة، إلى خريطة إنتاج الغاز الطبيعي، بإجمالي إنتاج يصل إلى 60 مليون قدم مكعبة يومياً”.

وتسعى مصر إلى تعزيز إنتاج الغاز بعد أن لجأت بشكل متزايد إلى الاستيراد لتلبية الطلب المحلي. وأوضح البيان أنّ هذه الخطوة جاءت لتعزيز الإنتاج المحلي للمساهمة في الوفاء باحتياجات السوق خلال ذروة الاستهلاك الصيفي. وأضاف أنّ الإنتاج الجديد من بئر “سفاير ساوث سينترال دي بي”، وهي البئر الثالثة ضمن آبار المرحلة 11 لمشروع غرب دلتا النيل العميقة، بدأ بنحو 50 مليون قدم مكعبة يومياً، مشيراً إلى أنّ ذلك تم باستثمارات من شركة شل.

كما أشار البيان إلى أنّ الشركة تمكنت من إعادة بئر “سكارب دي 4” إلى الإنتاج بعد توقف طويل، ليضيف نحو 10 ملايين قدم مكعبة يومياً. وتضطر مصر، التي كانت في السابق مصدّراً إقليمياً للغاز، إلى استيراد جزء من احتياجاتها حالياً بسبب انخفاض الإنتاج الناتج عن تقادم الحقول ونقص الاستثمارات في الحقول الجديدة. وبحسب بيانات مبادرة المنظمات المشتركة “جودي”، بلغ إنتاج مصر من الغاز في أيار/ أيار نحو 3545 مليون متر مكعب، بتراجع يزيد على 40% مقارنة بمستواه في آذار/ آذار 2021.

وكان وزير البترول المصري، كريم بدوي، قد صرّح، يوم الثلاثاء، بأنّ الجهود مستمرة لحفر آبار جديدة في حقل ظهر للغاز بالبحر المتوسط. وأوضحت الوزارة أن إنتاج حقل ظهر، أكبر حقل مكتشف للغاز في البحر المتوسط، تراجع إلى 1.9 مليار قدم مكعبة يومياً في أوائل 2024، وهو أقل بكثير من ذروته المسجلة في 2019، من دون أن تقدم بيانات عن الإنتاج الحالي. يُذكر أن مصر وقّعت هذا الشهر اتفاقية غير مسبوقة لاستيراد غاز بقيمة 35 مليار دولار مع شركاء حقل ليفياثان الإسرائيلي.

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في إنتاج الغاز الطبيعي نتيجة تقادم عدد من الحقول وتباطؤ الاستثمارات في مشاريع جديدة، ما دفعها إلى التحول من دولة مصدّرة إلى مستورد صافٍ في بعض الفترات. ورغم اكتشافات ضخمة أبرزها حقل ظهر في البحر المتوسط، فإنّ الإنتاج لم يعد إلى ذروته المسجلة عام 2019، وسط تزايد الاستهلاك المحلي خاصة في مواسم الذروة الصيفية.

كما تواجه القاهرة ضغوطاً متزايدة لتأمين إمدادات الطاقة لمواكبة النمو السكاني والطلب الصناعي، وهو ما يفسر سعيها إلى تكثيف عمليات الحفر في البحر المتوسط من جهة، وإبرام صفقات استيراد ضخمة من دول الجوار مثل الاتفاق الأخير مع شركاء حقل ليفياثان الإسرائيلي من جهة أخرى. هذه التطورات تعكس معادلة معقدة تجمع بين محاولات تعزيز الإنتاج المحلي وسد الفجوة عبر الاستيراد، بما يضمن استمرار تلبية احتياجات السوق المحلي.

يمثل دخول آبار جديدة إلى الإنتاج خطوة مهمة ضمن جهود مصر للحد من فجوة العرض والطلب في سوق الغاز المحلي، إلا أن هذه الزيادة تبقى محدودة مقارنة بالتراجع الكبير في الإنتاج خلال الأعوام الماضية. ويبدو أن استراتيجية القاهرة ستظل قائمة على مزيج من التوسع في الاستكشاف والإنتاج المحلي، بالتوازي مع صفقات الاستيراد، لضمان استقرار الإمدادات. وفي ظل استمرار الضغوط الاقتصادية وارتفاع الاستهلاك، سيبقى نجاح مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي رهناً بقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وتنفيذ خططها الطموحة في قطاع الطاقة.

(رويترز، العربي الجديد)