الهند تسجل نمواً مرتفعاً قبل تأثير الرسوم الأميركية

من المتوقع أن يكون الاقتصاد الهندي قد نما بوتيرة جيدة في الربع الأخير من حزيران/حزيران، وسط تفاؤل بشأن اتفاقية تجارية مع واشنطن على الرغم من تراجع التوقعات مؤخرًا نتيجة خضوع البلاد لأعلى تعرفات جمركية أميركية في آسيا.

وفقًا لمتوسط تقديرات 37 خبيرًا اقتصاديًا في استطلاع أجرته “بلومبيرغ”، يُرجح أن الناتج المحلي الإجمالي للهند قد نما بنسبة 6.7% في الأشهر الثلاثة المنتهية في حزيران/حزيران (أي الربع الأول من السنة المالية)، بحسب “بلومبيرغ”.

ورغم أن هذه النسبة أقل من نمو بلغ 7.4% في الفترة من كانون الثاني/كانون الثاني إلى آذار/آذار، فإنها تظل أعلى من معدل 6.5% المسجّل في العام السابق. وعادة ما يكون النمو في الربع الأول من السنة المالية أضعف بعد عام حافل.

وساهم في دعم النمو تسارع الصادرات إلى الولايات المتحدة بعد أن أوقف الرئيس دونالد ترامب مؤقتًا فرض رسوم جمركية متبادلة، إضافة إلى بداية مبكرة لموسم الأمطار الموسمية التي حفزت الزراعة وعززت الطلب الريفي. غير أن هذه المكاسب قد تكون مؤقتة، إذ يُتوقع تباطؤ النمو في الربع القادم مع دخول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة حيّز التنفيذ.

التوقعات والقطاعات الاقتصادية

قال سونال فارما، الخبير الاقتصادي في شركة نومورا القابضة، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبيرغ”: “لقد شهدنا تركيزًا كبيرًا على الصادرات”، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن قطاعات أخرى مثل الاستهلاك الحضري والإنفاق الرأسمالي الخاص لا تزال ضعيفة.
وتشير توقعات اقتصاديي بنك أوف أميركا، راهول باجوريا وسمريتي ميهرا، إلى ضعف محتمل في قطاع التعدين والطلب على الطاقة وتباطؤ في التصنيع مع تراجع مبيعات السيارات.

كما لفتا إلى احتمال وجود فجوة بين الناتج المحلي الإجمالي والقيمة المضافة الإجمالية نتيجة انخفاض الدعم وارتفاع الضرائب. فارما قدّرت النمو في الربع الممتد من إبريل/نيسان إلى حزيران/حزيران بنحو 6.9%، لكنها حذرت من تباطؤه إلى أقل من 6% في النصف الثاني من السنة المالية التي تبدأ في تشرين الأول/تشرين الأول.

أثر الرسوم الجمركية الأميركية

تواجه الهند رسومًا جمركية أميركية بنسبة 50% دخلت حيز التنفيذ هذا الأسبوع، ما يهدد صناعات المنسوجات والأحذية والمجوهرات. ووفقًا لتقديرات “سيتي جروب”، قد تُضيف هذه الرسوم عبئًا يتراوح بين 0.6 و0.8 نقطة مئوية على النمو السنوي.

إندرانيل بان، كبير الاقتصاديين في بنك “يس” المحدود، أوضح أن النمو يواجه رياحًا معاكسة من الرسوم الأميركية وضعف الطلب العالمي، ما سيضغط على قطاعات التصدير والعمالة الكثيفة. لكنه أشار إلى أن بعض التغييرات التي أعلنت عنها حكومة ناريندرا مودي مؤخرًا قد تمنح الاقتصاد دفعة، لا سيما أن النمو الهندي يعتمد بشكل أساسي على الطلب المحلي، وليس على الصادرات.

ويُشكل الاستهلاك الخاص نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي للهند. ورغم أن الولايات المتحدة تُعد أكبر سوق للصادرات الهندية (87.4 مليار دولار في عام 2024)، فإن ذلك لا يمثل سوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

إجراءات حكومية وتحفيز اقتصادي

لتعزيز الطلب وتخفيف آثار الرسوم الجمركية الأميركية، أعلنت الحكومة خططًا لتبسيط ضريبة السلع والخدمات المعقدة، ما يُتوقع أن يؤدي إلى خفض الأسعار وتخفيف الأعباء على المستهلكين والشركات الصغيرة. ويقدّر “بنك IDFC First” أن هذا الإجراء قد يرفع النمو الاسمي بمقدار 0.6 نقطة مئوية خلال 12 شهرًا.

كذلك، يدعم التيسير النقدي الذي أقره بنك الاحتياط الهندي النمو بعد أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس منذ شباط/شباط. وقالت فارما: “إلى جانب الدعم النقدي، فإن الحاجة الماسة الآن هي دعم أكثر استهدافًا للصادرات في هذه المرحلة”، مضيفة أن “التأثير الكامل للرسوم الجمركية سيتضح بعد أيلول/أيلول”.