بحث اجتماع وزاري مصغّر، برئاسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
، الأسبوع الماضي، وسط تكتّم على تفاصيله الكاملة، فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، ويعتزم المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) الأسبوع المقبل، مناقشة القضية. وضم الاجتماع المصغّر إلى جانب نتنياهو، الوزير المقرب منه رون ديرمر، المسؤول عن العلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. كذلك حضر الاجتماع رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي وسكرتير الحكومة يوسي فوكس.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية اليوم الخميس، تفاصيل جديدة من داخل الاجتماع، حول التحركات التي يقوم بها المستوى السياسي خلف الكواليس لفرض السيادة. وعبّر رون ديرمر خلال الجلسة، عن دعمه للخطوة، ووفقاً لمصادر تحدثت معه، قال: “ستكون هناك سيادة في يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة)، والسؤال هو: على أي جزء منها؟”.
وكان ديرمر قد عبّر عن موقف مشابه قبل أسبوعين في اجتماع آخر للكابينت الموسّع، بعد أن طرح الوزراء، أوريت ستروك، وسموتريتش، وياريف ليفين الموضوع، ودفعوا نحو التقدّم في هذه الخطوة الآن، عشية انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ أيلول، التي تعتزم خلالها مجموعة من الدول بقيادة فرنسا إعلان اعترافها بدولة فلسطينية. وعملياً، فإن ديرمر يدعم المضي قدماً في الموضوع في الأسابيع القريبة، وما تبقّى في الوقت الراهن هو تحديد التفاصيل.
وناقش الوزراء في الاجتماع الوزاري المصغّر الذي عُقد الأسبوع الماضي، مسألة ما إذا كان ينبغي فرض السيادة فقط على الكتل الاستيطانية، أو على جميع المستوطنات، أو على كامل المناطق المصنفة (ج)، أو ربما فقط على المناطق المفتوحة أو غور الأردن. وظهرت “معضلة” إضافية، تتعلق بما إذا كان يجب دفع هذه الخطوة ردّاً على الاعتراف بدولة فلسطينية، أو تنفيذها مسبقاً في خطوة وقائية. وبحسب مصادر مطلعة على التفاصيل، فإن رون ديرمر نقل رسالة إلى جهات فرنسية حتى قبل إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية، قال فيها: “أنتم تدفعوننا إلى الرد، وهذا لن يساهم في قيام دولة فلسطينية”.
من جهته، حلّل وزير الخارجية جدعون ساعر، خلال المناقشات، الوضع السياسي لإسرائيل على الساحة الدولية، وأشار إلى أن من المتوقع أن تواجه هذه الخطوة معارضة في أوروبا، ما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية. وقد أدلى بهذه التصريحات من منطلق “مهني”، وفق الصحيفة العبرية، دون أن تكون مرتبطة بموقفه المبدئي من قضية السيادة. وفي الأشهر الأخيرة، وجّه ساعر تحذيرات لوزراء خارجية في دول مركزية حول العالم، مفادها أن “الخطوات الأحادية ضد إسرائيل ستُقابل بخطوات أحادية من جانب إسرائيل”.
في السياق، يدفع الوزير سموتريتش منذ فترة طويلة، نحو التقدّم في مسألة السيادة، وقد أعدّ فريقه في إدارة الاستيطان بوزارة الأمن، الإجراءات المهنية اللازمة، من خرائط ومسوح ميدانية لتنفيذ الخطوة. وتجدر الإشارة إلى أنّ سموتريتش، حين يلوّح بتهديد حلّ الحكومة على خلفية صفقة محتملة مع حركة “حماس”، يضع في حساباته أيضاً نافذة الفرصة المتاحة للمضي في فرض السيادة. أما في مجلس “ييشاع”، الاستيطاني الذي يقود حملة إعلامية وجماهيرية للضغط على نتنياهو من أجل دفع الخطة قدماً، إذ توجد معارضة بشأن الاكتفاء بفرض السيادة فقط على غور الأردن أو الكتل الاستيطانية، بحجّة أن “من غير المقبول أن يكرّس المعسكر الوطني عقيدة الكتل التي يتبناها اليسار”. ويشارك الوزير سموتريتش هذا الموقف، وقد طُرح خلال النقاش. هناك توجه إضافي قيد الدراسة، يطرحه عضو الكنيست أفيحاي بوآرون، (من حزب الليكود)، الذي يعمل بالتعاون مع لوبي الاستيطان لدفع الخطة، ويتمثل بضم المناطق المفتوحة أيضاً الواقعة ضمن المناطق (أ) و (ب)، بحجة أنه يجب كسر التواصل الفلسطيني، وعدم فرض السيادة بشكل ممرات متصلة على الأرض.
من جانبه، يتحفظ نتنياهو على إعلان موقفه بوضوح من السيادة، رغم أن موقف ديرمر المقرّب منه قد يمثله، ورفض الإفصاح عن تفاصيل، في اجتماع عُقد قبل أيام، مع رؤساء مستوطنات، طالبوه بتعزيز خطوات فرض السيادة. وتعتقد مصادر مطّلعة على التفاصيل، لم تسمّها الصحيفة، أن نتنياهو يخشى الضغوط السياسية والتداعيات الدولية، ويبدو أنه يفضّل الانتظار لمعرفة ما ستفعله فرنسا فعلياً في الأمم المتحدة. وقال أحد المشاركين في الاجتماع المصغّر: “من الواضح أنه لا يمكن الاكتفاء بإغلاق القنصلية الفرنسية مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية”. ووفقاً للصحيفة العبرية، امتنع نتنياهو وديرمر لفترة طويلة، عن الخوض في هذه القضية، بحجة أن الرصيد السياسي الدولي يجب أن يُستغل فقط لعمليات الحرب. وأفاد وزراء بأنهم يسمعون خلال اجتماعاتهم مع ممثلي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن إسرائيل بحاجة إلى التعبير عن موقف واضح، وأن الإدارة ستدعم مثل هذا الموقف.
ولهذا الغرض، دُفع بقرارات إعلانية في الكنيست تعارض قيام دولة فلسطينية بشكل أحادي، حظيت بدعم الأغلبية من الائتلاف والمعارضة. كذلك أقر مشروع قرار يدعم فرض السيادة في الضفة الغربية، بأغلبية 71 عضو كنيست. ورغم أن نتنياهو لا يكشف عن خطواته أو موقفه علناً من فرض السيادة، إلا أن ما قد يشي بذلك، حرصه في الأيام الأخيرة على حضور مناسبتين مرتبطتين بالاستيطان، الأولى بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس مستوطنة عوفرا، والثانية في لقاء احتفالي لمجلس بنيامين الاستيطاني قبل يومين ضم عشاءً فاخراً، والذي أنهى من أجله اجتماع الكابينت في وقت قصير نسبياً.
بالمقابل، تتساءل جهات في حزب الليكود، عما إذا كان نتنياهو سيمضي قدماً في فرض السيادة في الوقت الراهن، باعتباره إنجازاً يتوجه به إلى انتخابات، أو أنه سيحتفظ بذلك كتعهد انتخابي، أو أن الأمر سيبقى مجرد نقاشات وأحاديث دون تنفيذ فعلي.
اجتماع للكابينت الأحد المقبل
في غضون ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلي (كان) مساء أمس الأربعاء، أن وزراء الكابينت سيناقشون يوم الأحد المقبل، إمكانية إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، إلى جانب مناقشة قضايا أخرى. ولفتت الى أن الكابينت سينعقد أساساً لمناقشة العمليات العسكرية في غزة والمفاوضات بشأن إطلاق سراح المحتجزين، لكن الوزراء سيبحثون خلاله أيضاً، استعدادات وردّ إسرائيل المحتمل على موجة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المتوقّعة الشهر المقبل. ووفقاً لمصادر مطلعة على الموضوع، لم تسمّها “كان”، فإن أحد الاقتراحات الذي يُدرس ليكون خطوة ردّ، إعلان السيادة على أجزاء من الضفة.