في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية لقطاع الاتصالات في تركيا، أبرمت شركة تورك تيليكوم اتفاقاً ضخماً مع الحكومة يضمن لها الاستمرار في تشغيل شبكة الهاتف الثابت والبنية التحتية الوطنية حتى عام 2050. وتجمع الصفقة بين البعد المالي المباشر عبر دفعات نقدية للحكومة، والبعد الاستثماري طويل الأمد لتطوير البنية التحتية الرقمية، ما يجعلها من أضخم الاتفاقات في تاريخ قطاع الاتصالات التركي.
وفي التفاصيل التي أوردتها بلومبيرغ الأربعاء، نقلاً عما أعلنه وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، ستدفع الشركة ثلاثة مليارات دولار (شاملة الضريبة على القيمة المضافة) للحكومة على مدى السنوات العشر المقبلة مقابل تمديد رخصة التشغيل، التي كان من المقرر أن تنتهي مطلع العام المقبل. وستسدد الشركة 500 مليون دولار سنوياً في أول عامين، ثم 200 مليون دولار سنوياً حتى عام 2034، على أن تدفع 100 مليون دولار دفعةً أخيرة في عام 2035.
إلى جانب ذلك، التزمت تورك تيليكوم بضخ 17 مليار دولار إضافية حتى عام 2050 لتوسيع شبكات الاتصالات وتحديثها وتطوير البنية التحتية الرقمية، على أن تُعلن تفاصيل خطة الاستثمار غداً الخميس. وتُعد تورك تيليكوم لاعباً محورياً في السوق التركية، حيث يملك صندوق الثروة السيادي التركي، برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، الحصة الأكبر فيها بنسبة 61.7%، فيما تحتفظ وزارة الخزانة والمالية بحصة 25%. كما يمتلك الصندوق أيضاً شركة الأقمار الاصطناعية توركسات وحصة في مشغل الاتصالات المحمول توركسل.
على الصعيد المالي، أعلنت الشركة تحقيق أرباح صافية بلغت 4.87 مليارات ليرة تركية (119 مليون دولار) في الربع الثاني من 2025، بزيادة 14% عن الفترة نفسها من العام الماضي. كما ارتفعت أسهمها 39% في بورصة إسطنبول منذ بداية العام، ما يعكس ثقة المستثمرين في أدائها المستقبلي.
ويمثل الاتفاق امتداداً لدور القطاع الخاص في تشغيل المرافق العامة ضمن إطار “عقود الامتياز”، حيث تمنح الحكومة حق تشغيل المرافق مقابل رسوم واستثمارات طويلة الأمد. وبذلك، لا تقتصر الصفقة على ضمان إيرادات مالية للحكومة، بل تهدف أيضًا إلى تسريع رقمنة الاقتصاد التركي وتعزيز جاهزية البنية التحتية للاتصالات لمواكبة ثورة الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي حتى منتصف القرن الحالي.