أعلنت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية (أوفجيم)، أمس الأربعاء، أنها سترفع سقف أسعار الطاقة للأسر بنسبة 2% اعتباراً من تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، ما يعني أن ملايين البريطانيين سيواجهون فواتير أعلى رغم معاناتهم بالفعل من ضغوط معيشية خانقة. ووفقاً لـ”رويترز”، سيرتفع متوسط الفاتورة السنوية إلى 1755 جنيهاً إسترلينياً (2370 دولاراً) للاستهلاك المتوسط من الكهرباء والغاز، أي بزيادة 35 جنيهاً إسترلينياً مقارنة بالربع الحالي.
وجاءت الزيادة في وقت ارتفع فيه التضخم البريطاني إلى أعلى مستوى في 18 شهراً خلال تموز/تموز الماضي، وهو ما زاد الضغوط على الحكومة الساعية لتحقيق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. وعزت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية القرار إلى ارتفاع تكاليف الشبكة وتكاليف السياسات الحكومية، رغم أن أسعار الجملة للطاقة انخفضت بنسبة 2% خلال فترة التقييم الأخيرة. كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في حزيران/حزيران الماضي أنها ستوسع نطاق خصم المنازل الدافئة ليشمل 2.7 مليون أسرة إضافية، ما يرفع عدد المستفيدين إلى ستة ملايين أسرة تحصل كل منها على دعم قيمته 150 إسترلينياً. لكن هيئة تنظيم الطاقة البريطانية أوضحت أن تمويل هذا الخصم أضاف 1.42 إسترليني شهرياً إلى جميع الفواتير، أي إن بعض الأسر غير المستفيدة تدفع فعلياً جزءاً من تكلفة دعم الآخرين، وهو ما يثير جدلاً حول عدالة توزيع الأعباء بين مختلف شرائح المجتمع.
وعبرت جماعات حماية المستهلك عن قلقها، مؤكدة أن تكاليف الطاقة لا تزال غير قابلة للإدارة بالنسبة لملايين الأسر. ودعت الجماعات الحكومة إلى تقديم دعم إضافي للأكثر هشاشة، بدلاً من تحميل جميع المستهلكين أعباء السياسات. وفي المقابل، ردت الحكومة بأن الحل طويل الأمد يكمن في الانتقال إلى الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ قال وزير الطاقة مايكل شانكس: “الإجابة الوحيدة لبريطانيا هي الخروج من دوامة أسعار الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة المحلية النظيفة التي نتحكم فيها”.
ورغم أن المحللين يتوقعون احتمال خفض السقف في كانون الثاني/كانون الثاني 2026 إذا واصلت أسعار الجملة الانخفاض، فإن الفواتير قد لا تنخفض فعلياً بسبب زيادة تكاليف السياسات طويلة الأمد. ومن بين هذه التكاليف، الرسوم المضافة لدعم مشاريع استراتيجية، مثل محطة الطاقة النووية سيزويل سي. وأوضح كريج لوري، المستشار في شركة كورنوال إنسايت، أن هذه الأعباء تمثل جزءاً من إعادة هيكلة تمويل تحول الطاقة، لكن في النهاية سيتعين على دافعي الفواتير تحمل جزء من هذه التكاليف.
يشار إلى أن أسعار الطاقة في بريطانيا تراجعت عن ذروتها في 2023، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 50% مقارنة بصيف 2021، قبل أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى إشعال أزمة طاقة أوروبية غير مسبوقة. ومع استمرار برامج الانتقال الطاقي يبدو أن الفواتير ستظل مرتفعة في المدى المتوسط، وهو ما يعزز المخاوف من أزمة معيشية طويلة الأمد للأسر البريطانية.
ورجح خبراء أن تتضرر المناطق الريفية أكثر من المدن الكبرى نظراً لاعتمادها الأكبر على التدفئة المنزلية كثيفة الاستهلاك. كما أن الأسر ذات الدخل المنخفض ستواجه ضغوطاً مضاعفة، إذ تنفق نسبة أعلى من دخلها الشهري على الطاقة مقارنة بالأسر الميسورة. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى اتساع فجوة فقر الطاقة، وهو المصطلح الذي يستخدمه الخبراء للإشارة إلى الأسر التي تضطر للاختيار بين تدفئة منازلها أو الإنفاق على احتياجات أساسية أخرى، مثل الغذاء والتعليم.