ارتفاع العجز المالي للأسر الأردنية

تعاني الأسر الأردنية من ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، وسط زيادة الأسعار وتآكل الدخول، ما أدى إلى تراجع قدراتها الشرائية عموماً، وزيادة الأعباء المالية والديون المترتبة على الأفراد والعائلات.

ويتضح من خلال المؤشرات المالية ارتفاع الإنفاق على متطلبات التغذية والصحة والتعليم والمساكن والنقل والإنارة، ولجوء كثير من الأسر إلى الاقتراض من مصادر مختلفة لغايات تغطية العجز المالي المترتب عليها شهرياً.

وارتفعت نسبة الفقر في الأردن في السنوات الأخيرة، ويُقدَّر أنها تزيد على 20%، مع انتظار صدور البيانات المحدثة حول المعدلات الجديدة من قبل دائرة الإحصاءات العامة، التي أجرت دراسات بشأنها في السنوات الأخيرة، لكنها تحفظت على النتائج ولم تعلنها رسمياً حتى الآن، فيما البطالة لا تزال على ارتفاع وتتجاوز 21% رغم الجهود الحكومية المبذولة لاحتوائها.

الخبير الاقتصادي حسام عايش، قال لـ”العربي الجديد” إن الإنفاق الاستهلاكي زاد من حيث الكم، ولكنه تراجع من حيث الكيف والمضمون، والأسرة الأردنية تعاني من عجز بين دخلها وإنفاقها. ومصادر الدخل أصبحت أكثر ضيقاً، والنتيجة المترتبة عن ذلك تكاليف إضافية وديون إضافية وإنفاق قد يذهب إلى مجالات أخرى، بعضها أساسي، والآخر في إطار التفاخر الاجتماعي.

وشرح أنّ القيمة الاستهلاكية ارتفعت، لكن كميات الاستهلاك إما بقيت على حالها وإما تراجعت، بدليل شكوى الفعاليات الاقتصادية والتجارية من تراجع إنفاق المستهلكين، وهنالك قطاعات تعاني من ركود أو تباطؤ في الحركة لديها. ولفت إلى أنّ الوضع الاستهلاكي يمكن التعبير عنه بأكثر من صورة، وهنالك تحول في النمط الاستهلاكي والتوجه للمنتج المحلي نتيجة لمقاطعة السلع الأجنبية والمستوردة الداعمة بلدانها للاحتلال الإسرائيلي، ما قلل من الاستهلاك كمياً، وبالتالي توجد منتجات مستوردة مماثلة قلّ الطلب عليها، والنتيجة كانت انخفاض الطلب بشكل أو بآخر.

وقال الخبير عايش إن قيمة الواردات للأردن من حيث الحجم زادت، وذلك مرده إلى ارتفاع الأسعار من المصدر. والاستيراد يعبّر عن حالة استهلاكية، ويشير إلى أنه كلما زادت المستوردات، ارتفع الطلب الاستهلاكي، وقد يكون أحياناً خارج إطار الاحتياجات الاستهلاكية للأسر.

وأضاف أن الادخارات تتراجع بشكل واضح، لأن تمويل الاستهلاك يستنزف معظم إن لم يكن كل المداخيل، وترتّب مديونية على الأفراد من مصادر رسمية كالبنوك والمؤسسات المالية، وغير رسمية مثل الاقتراض من آخرين.

منتدى الاستراتيجيات الأردني بيّن في ورقة تحليلية أصدرها، الثلاثاء، بعنوان: “أثر الاستهلاك الأسري وإجمالي الاستثمار على الناتج المحلي الإجمالي: حالة الأردن”، أن المجتمع الأردني يميل نحو الاستهلاك أكثر من الادخار، إذ بلغت نسبة الاستهلاك الأسري من الناتج المحلي الإجمالي 77.5%، ما يدل على أن جزءاً كبيراً من الدخل المحلي يُنفق على السلع والخدمات الاستهلاكية بدلًا من ادخاره أو استثماره.

كذلك بيّنت الورقة أن نسبة إجمالي تكوين رأس المال الثابت إلى الناتج المحلي الإجمالي (الاستثمار) بلغت 20.5%، مشيرة إلى وجود ضعف واضح في مستويات الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية (البنية التحتية، التكنولوجيا والآلات، القدرات الإنتاجية). وأظهرت نتائج تحليلات المنتدى أن الاقتصاد الأردني يتمتع بمستوى جيد من المرونة والقدرة على العودة إلى مساره الطبيعي، نتيجة اعتماده الكبير على الاستهلاك الأسري عاملاً رئيساً في تحقيق النمو.

وأكد المنتدى أن زيادة مستوى دخل الأسر سيسهم في دعم مستوى الاستهلاك ورفع النمو الاقتصادي على المدى القصير، بينما تستدعي الحاجة ضرورة العمل على زيادة مستويات الاستثمار والإنتاج (تحديداً الصادرات الوطنية)، لرفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية على المدى البعيد.