جيش الاحتلال يوجه سكان غزة لمناطق تشي خرائطه بأنها خطرة عليهم

يشير خبراء إسرائيليون، إلى أنّ المناطق التي أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان مدينة غزة باللجوء إليها، وحددها من خلال خرائط، بزعم أنّ “إخلاء مدينة غزة لا مفرّ منه”، هي أماكن وصفها الجيش ذاته بأنها خطيرة، وتؤكد خرائطه ذلك، ما يثير تساؤلات حول ما يبيّته للفلسطينيين. وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال باللغة العربية أفيخاي أدرعي، قد نشر بياناً، أمس الأربعاء، وصفه بأنه “مهم إلى سكان قطاع غزة وتحديداً في مدينة غزة وشمال القطاع، بخصوص ما ينشر من إشاعات كاذبة بأنه لا يوجد مكان فارغ في جنوب القطاع لانتقال السكان”.

وبحسب البيان “قبيل التحوّل إلى المرحلة التالية في الحرب أود أن أؤكد بأن هنالك مناطق شاسعة فارغة في جنوب القطاع كما هو الحال في مخيمات الوسط وفي المواصي. هذه المناطق خالية من الخيم. لقد قام جيش الدفاع (جيش الاحتلال) بمسح هذه المناطق وهي معروضة في ما بعد أمامكم لمساعدة السكان المُخلين قدر الإمكان”. ونشر متحدث جيش الاحتلال إلى جانب بيانه، خريطة تم تحديد 19 منطقة فيها باللون الأزرق، في إشارة إلى المناطق التي يوجّه السكان إليها، زاعماً أنّ هذه المناطق، الواقعة في منطقة مخيمات الوسط وفي كثبان المواصي الرملية، خالية من الخيام ومُتاحة للسكن.

لكن فحص هذه المناطق من قبل صحيفة هآرتس العبرية، بمساعدة اثنين من خبراء الخرائط، هما عدي بن نون من الجامعة العبرية، ويعقوب غارب من جامعة بن غوريون، كشف أنّ بعض هذه المناطق تقع في أماكن صنفها جيش الاحتلال نفسه على أنها خطرة من ناحية وجود المدنيين فيها. ولفتت الصحيفة في عددها اليوم الخميس، إلى أنه، حتى في الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي نفسه أمس على موقعه باللغة العربية، تم الإشارة إلى هذه المناطق باللون الأحمر.

وفقاً لتعليمات جيش الاحتلال، فإنّ هذه المناطق محظورة على مرور أو وجود المدنيين، بسبب العمليات العسكرية. وكشف التحليل الذي أجراه غارب، أنّ الأمر لا يتعلق باستثناء واحد أو اثنين، ففي خريطة الناطق باسم جيش الاحتلال تم تمييز مناطق من بين 19 “كتلة”، وهي طريقة تقسيم جيش الاحتلال لمناطق القطاع، ست منها، بحسب غارب، تقع بالكامل أو جزئياً خارج الخطوط المسموح بها. وفي كثير من النواحي، وفق “هآرتس”، تترك تصريحات متحدث الجيش سكان غزة في حالة من عدم اليقين، إذ لم يصدر أي تحديث يغيّر وضع المناطق المحظورة.

ويكشف الفحص عن مشاكل إضافية، منها على سبيل المثال، أنّ مناطق الإخلاء صغيرة جداً مقارنة باحتياجات السكان. ووفقاً للتحليل، فإنّ المساحة الإجمالية لا تتجاوز سبعة كيلومترات مربعة تقريباً. وليس هذا فحسب، بل إنّ هذه المساحة ليست خالية تماماً، فبعضها عبارة عن مناطق لا يمكن نصب خيام فيها، وفي بعضها الآخر توجد خيام بالفعل. وفي حال تنفيذ خطة الاحتلال لإخلاء غزة، فسيعني ذلك أنّ كامل سكان القطاع سيتكدسون في نحو 19% فقط من مساحته.
 
وأكدت ذلك تصريحات لرئيس بلدية دير البلح، نزار عياش، أمس الأربعاء، بأنه لا توجد منطقة واحدة في دير البلح قادرة على استيعاب أي خيمة نزوح جديدة، معتبراً أنّ ما يحدث في دير البلح ينطبق على جميع مناطق المحافظة الوسطى في القطاع، وأنّ الوضع ينذر بكارثة إنسانية. وأرسل الباحثان الاسرائيليان، بن نون وغارب إلى صحيفة هآرتس صور أقمار صناعية حديثة، تُظهر أنّ بعض المناطق تضم بالفعل العديد من خيام النازحين، بينما تبدو مناطق أخرى كثباناً رملية يصعب أو يستحيل إقامة خيام عليها أو العيش فيها بشكل معقول. وهناك أماكن أخرى تبدو طرقا أو مناطق معرّضة للسيول أثناء هطول الأمطار.

إلى ذلك، تحذّر منظمات إنسانية، من أنّ إخلاء غزة، سيفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، ذلك أنّ أوضاع السكان صعبة أصلاً حتى قبل الإخلاء، ومعظم السكان تم تهجيرهم عدة مرات من قبل على يد الاحتلال، ولا يملكون القدرة المالية أو الجسدية أو النفسية على النزوح مرة أخرى في ظل استمرار الإبادة الإسرائيلية لسكان القطاع.