ستاربكس ماليزيا تتكبّد خسائر قياسية على خلفية حملات المقاطعة دعماً لغزة

شهدت شركة ستاربكس، المشغلة لمقاهي ستاربكس في ماليزيا، خسائر قياسية بعدما امتنع العملاء عن شراء منتجاتها بسبب دعوات المقاطعة التي استهدفت عدداً من العلامات المشهورة احتجاجاً على الحرب في غزة. وتضاعف صافي خسائر شركة برجايا للأغذية، المشغلة للعلامة، بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 292 مليون رينجيت ماليزي (69 مليون دولار) للسنة المالية المنتهية في حزيران/حزيران، وفقاً لما أعلنته الشركة ونقلته وكالة بلومبيرغ.

كما انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 36% على أساس سنوي لتصل إلى 477 مليون رينجيت ماليزي. وعزت الشركة هذه النتائج إلى التأثير الممتد للأجواء المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط، والذي انعكس على ديناميكيات السوق وأنماط إنفاق العملاء. ونتيجة لذلك، طُلب من “برجايا للأغذية” رصد المخصصات اللازمة لانخفاض قيمة الممتلكات والمصانع والمعدات، إضافة إلى أصول حق الانتفاع الناتجة عن تقليص عمليات ستاربكس في ماليزيا.

وأظهر التقرير أن الخسائر تضاعفت ستة أضعاف تقريباً لتصل إلى 152.8 مليون رينجيت. وقد واجهت العلامات الأميركية للوجبات السريعة منذ العام الماضي تكثيفًا في حملات المقاطعة بسبب صلاتها المزعومة بإسرائيل وسط الحرب في غزة. بحسب “بلومبيرغ”، صرح الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس برايان نيكول، خلال زيارته الأولى للشرق الأوسط منذ توليه منصبه العام الماضي، بأن المقاطعة لم تكن مبنية على أي أساس دقيق أو صحيح، مضيفًا: “لم ندعم أي جيوش قط.”

وكان نيكول قد أقر في وقت سابق من هذا العام بأن حملة المقاطعة التي واجهتها الشركة في 2024 بمنطقة الشرق الأوسط كان لها أثر كبير على حركة المبيعات والإيرادات. وقد انطلقت هذه الحملة على خلفية اتهامات واسعة لستاربكس بدعم إسرائيل التي تشن حربًا مدمرة على قطاع غزة، وهو ما وصفه نيكول بأنه “غير دقيق وغير صحيح”. يُذكر أن شركة الشايع، الشريك المحلي لستاربكس في المنطقة، اضطرت العام الماضي إلى تسريح نحو ألفي موظف بسبب ما وصفته بـ”ظروف السوق الصعبة”.

حملات المقاطعة

تعود جذور حملات المقاطعة إلى اتهامات موجهة ضد ستاربكس بدعم إسرائيل وعدم اتخاذ موقف ضاغط عليها خلال حربها في غزة. وقد لقيت هذه الحملات دعمًا واسعًا من المستهلكين في المنطقة، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات وحركة العملاء داخل المتاجر. ورغم محاولات ستاربكس نفي هذه الاتهامات، إلا أن آثارها السلبية كانت واضحة على الأداء المالي والإداري للشركة. وأقر نيكول بأن ستاربكس تواجه تحديات متعددة، أبرزها تراجع المبيعات في المنطقة، إلى جانب مشاكل أخرى مثل طول فترات الانتظار في المتاجر وارتفاع الأسعار الذي دفع بعض المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم.

الأداء المالي العالمي

رغم خطط ستاربكس الطموحة لافتتاح 500 متجر جديد وإضافة 5 آلاف وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن التحديات الحالية تضعها في موقف صعب، بحسب “بلومبيرغ”. وكانت سلسلة المقاهي الأميركية قد كشفت عن تراجع مبيعاتها بنسبة 7% خلال الفترة بين تموز/تموز وأيلول/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.

وأصدرت ستاربكس بياناتها المالية للربع الأخير من العام الماضي (تموز/تموز – أيلول/أيلول)، حيث تراجعت أرباح الشركة إلى 909.3 ملايين دولار مقابل 1.21 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق. فقد انخفضت مبيعات ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة بنسبة 6%، وتراجعت المبيعات في الأسواق الدولية بنسبة 9%، أما في الصين فقد انخفضت المبيعات بنسبة 14%.

وبلغت إيرادات ستاربكس في الفترة بين تموز وأيلول 2024 نحو 9.1 مليارات دولار، مسجلة انخفاضًا سنويًا بنسبة 3.2%. كما تراجع ربح الشركة للسهم الواحد بنسبة 25% ليصل إلى 80 سنتًا، وهو ما جاء أقل من توقعات السوق.

تُظهر الخسائر القياسية لستاربكس في ماليزيا، وما رافقها من تراجع عالمي في المبيعات، أن حملات المقاطعة الشعبية لم تعد مجرد ردة فعل عابرة، بل تحولت إلى أداة ضغط مؤثرة تمتد آثارها إلى كبرى الشركات متعددة الجنسيات. وبينما تحاول ستاربكس مواجهة هذه الأزمة بخطط للتوسع وافتتاح متاجر جديدة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرتها على استعادة ثقة المستهلكين والتكيف مع واقع اقتصادي متغير تفرضه التوترات الجيوسياسية. وفي ظل استمرار الصراع في غزة، تبدو التحديات أمام الشركة أكبر من أي وقت مضى، مما يجعل تجربة ماليزيا مؤشرًا واضحًا على ما قد يواجهه عملاق القهوة الأميركي في أسواق أخرى حول العالم.