أمرت النيابة العامة المصرية، أمس الأربعاء، بإعادة فتح التحقيق رسميّاً في حادثة وفاة البرلماني المصري السابق عبد الحميد الشيخ، وإعادة معاينة مسرح الجريمة بدقة، ومراجعة كلّ التقارير الفنية والطبية السابقة، واستدعاء جميع الشهود مجدّداً والاستماع إلى أقوالهم، من أجل التأكد من الملابسات كافة وإزالة الغموض الذي يكتنف القضية.
وأوضح تقرير الطب الشرعي أن الإصابات التي لحقت بجثمان النائب السابق جاءت متعدّدة ومتنوّعة، وأنّ طبيعتها لا يمكن أن تنتج من فعل انتحاري، بل تشير بصورة مباشرة إلى جريمة قتل عمدي مكتملة الأركان. وأورد التقرير أن الإصابات تضمّنت سبع طعنات نافذة ومتفرقة، وبعض هذه الطعنات كانت في مواضع قاتلة بالجسد، أبرزها في منطقتَي الصدر والبطن. كذلك إنّ غياب أداة الجريمة بجوار الجثمان يزيد الشكوك حول صحة فرضية الانتحار، خصوصاً مع انعدام أي دليل قوي في مسرح الجريمة يمكنه أن يؤكد الرواية السابقة.
وكانت أرملة النائب السابق قد تقدمت بالطعن في النتائج التي أجرتها الشرطة بالقضية رقم 2617 لسنة 2025 إداري مركز تلا شبين الكوم – محافظة المنوفية (شمال القاهرة)، عقب وفاته في حزيران/ حزيران الماضي، موضحةً أن أسرة الفقيد فوجئت بتقارير استدلالات وأوراق رسمية “تسير في اتجاهٍ خطير يصف الواقعة بالانتحار”، في حين أنّ الفحص المبدئي للجثمان أثبت وجود طعنات نافذة متكرّرة لا يمكن التصوّر أن الفقيد ألحقها بنفسه.
وأكدت الزوجة في طلبها حينها للنائب العام، أن محاولة الدفع مبكراً برواية الانتحار تمثل “تضليلاً جسيماً للعدالة” ومحاولة لإغلاق الملف قبل إجراء تحقيقات جادّة، لافتةً إلى أن التسويق الشعبي والإعلامي لتلك الرواية منذ اللحظات الأولى للوفاة كان بمثابة تمهيدٍ مبكرٍ لتبرئة جناة محتملين. كذلك فإنها تقدمت بعد شهر من وفاته، بطلب رسمي إلى وزارة الداخلية المصرية لإسناد أعمال التحري والبحث الجنائي في قضية وفاته إلى قطاع الأمن العام، لما وصفته بـ”الالتباس الشديد” الذي شاب مسار التحقيقات، وتضارب الروايات حول طبيعة الوفاة التي وصفتها بـ”الدامية والصادمة”.
وظلّت القضية محل جدل واسع في الأوساط القانونية والشعبية، وسط تساؤلات بشأن الملابسات الغامضة التي أحاطت حادثة الوفاة. وكان المحامي طارق العوضي، وكيل أرملة النائب الراحل، قد أكد سابقاً أن “القضية لم تعد مجرد نزاع جنائي تقليدي، بل باتت قضية رأي عام وعدالة مهدّدة”، وأن استمرار الغموض حول ملابسات وفاة شخصية عامة كانت ممثلة للشعب في البرلمان “يضعف ثقة المواطنين بمنظومة العدالة”، مشدّداً على أن “العدالة الحقيقية تبدأ من تحقيقٍ نزيه وشفّاف، يتعامل مع الحقائق كما هي، من دون محاولة تسييسها أو تطويعها لسيناريوهات غير واقعية”.