كشفت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، اليوم الخميس، أنّ مساعداتٍ غذائية إضافية تصل إلى قطاع غزة، لكنّها لا تزال غير كافية إطلاقاً لمنع انتشار المجاعة. وأردفت بالقول: “تدخل كميات إضافية من الغذاء. نسير في الاتجاه الصحيح، لكنّها لا تكفي للقيام بما يتعيّن علينا فعله لضمان ألا يعاني السكان من سوء التغذية والتضوّر جوعاً”. وذكرت أنّ البرنامج قادر حاليّاً على توصيل نحو 100 شاحنة مساعدات يوميّاً إلى غزة، لكن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من 600 شاحنة كانت تدخل إلى قطاع غزة بشكل يومي خلال وقف إطلاق النار.
وحذّرت ماكين بعد زيارة لغزة من أنّ القطاع وصل إلى “حافة الانهيار الكامل”، داعيةً إلى معاودة تفعيل شبكة البرنامج لتوزيع المواد الغذائية بصورة عاجلة منعاً لاتّساع انتشار المجاعة. وأتت زيارتها إلى القطاع عقب إعلان الأمم المتحدة رسميّاً المجاعة في غزة في 22 آب/ آب الجاري. وقالت ماكين في بيان: “التقيتُ أطفالاً يتضوّرون جوعاً ويتلقّون علاجاتٍ لسوء التغذية الخطير، ورأيتُ صوراً لهم حين كانوا بصحة جيدة. لا يمكن التعرّف إليهم”. وأضافت: “بلغ اليأس ذروته وكنت شاهدة على ذلك بشكل مباشر”.
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي تابعة للجيش الإسرائيلي، وتشرف على تدفق المساعدات إلى القطاع، بحسب تصريحات ماكين. وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي للجوع، في تقرير أصدره، الجمعة، إنّ نحو 514 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع سكان القطاع، يواجهون حاليّاً ظروف المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها. وهاجمت إسرائيل مراراً هذه النتائج، ووصفتها بأنها “مغلوطة ومنحازة لحركة حماس”.
وزارت ماكين هذا الأسبوع دير البلح وخانيونس، وتفقّدت عيادة تقدم الخدمات للأطفال والحوامل والمرضعات، والتقت أمهات من النازحين روَين لها المعاناة اليومية، كما سلّطت الضوء على الصعوبات المستمرة التي تواجه إيصال المساعدات للسكان الأكثر عرضة للخطر في عمق قطاع غزة. وقالت: “ما شهدناه هو خراب تامّ. بتعبيرٍ مبسّط مناطق سُوّيت بالأرض. ورأينا سكاناً يعانون من جوعٍ وسوء تغذية لدرجة بالغة الخطورة”.
وأضافت: “يثبت ذلك وجهة نظري، وهي أنّنا نحتاج للتمكن من الوصول إلى العمق (في قطاع غزة) لنتأكد من أنهم يحصلون باستمرار على ما يحتاجونه”. وشدّدت على الحاجة “الفورية لإعادة تفعيل شبكتنا الواسعة الموثوقة من 200 نقطة توزيع للغذاء في أنحاء قطاع غزة والتكيات والمخابز”، وعلى الأهمية العاجلة “لتوفير الظروف الملائمة لنتمكن من مساعدة الأكثر ضعفاً وإنقاذ حياة الناس”.
ورأت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، أنّ التحسن الطفيف الذي تحقق في دخول الأغذية والإمدادات التي تُتاح تجاريّاً إلى قطاع غزة ساهم في تراجع الأسعار، لكنّ أغلب السكان لا يستطيعون تحمّل تكلفته. وأملت أن يتمكن برنامج الأغذية العالمي من الدخول بشكل أكبر إلى قطاع غزة، بعد اجتماع عُقد أمس الأربعاء مع رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، ضغطت خلاله للوصول إلى هناك من دون عوائق، وإتاحة المزيد من الطرق الآمنة، وضمان عدم تعرّض الشاحنات لعمليات مطوّلة قبل الحصول على الإذن والتصاريح بالدخول. وأفاد بيان للجيش بأنّ زامير “أكد التزام إسرائيل بإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة”.
وحذّر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من أنّ المجاعة قد تنتشر إلى دير البلح في وسط القطاع وخانيونس في جنوبه بنهاية أيلول/ أيلول المقبل. ووصفت ماكين تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بأنّه “المعيار الذهبي” لقياس انعدام الأمن الغذائي، وحثت على تكثيف دخول المساعدات للقطاع.
ورفضت إسرائيل تقرير المرصد العالمي، وقالت إنّه “معيب للغاية”، وطالبت أمس الأربعاء التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بسحبه. ولم يصدر بعد من المرصد تعليق على ذلك. كما طالبت إسرائيل بسحب تقرير الخبراء الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة، والذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّه “كذب صريح”. وأتت تصريحات ماكين في وقت كثّف الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، عملياته عند أطراف مدينة غزة التي يسعى لإخلائها من سكانها على الرغم من إعلان الأمم المتحدة المجاعة فيها.
(رويترز، فرانس برس)