سلسلة غارات إسرائيلية جنوبي لبنان وماكرون يتصل بعون وسلام

شهد جنوب لبنان اليوم الخميس تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً جديداً مع تنفيذ جيش الاحتلال سلسلة غارات على عددٍ من البلدات والقرى الحدودية وسط تحليق مكثف لطائراته على علو منخفض في الأجواء اللبنانية. وشنّ طيران الاحتلال بعد الظهر سلسلة غارات على وادي برغز والجبور والمحمودية ومجرى الخردلي جنوبي لبنان. كذلك، ألقت طائرة إسرائيلية قنبلة صوتية على مواطن في أثناء ترميم منزله في بلدة كفركلا، ومن ثم ألقت ثلاث قنابل إضافية على عددٍ من المواطنين وسيارة رابيد وشاحنة تابعة للبلدية.

وزعم جيش الاحتلال في بيان له أن طائرات سلاح الجو التابعة له أغارت على عدة بنى تحتية ومنصّة صاروخية لحزب الله في عدة مناطق في جنوب لبنان، زاعماً أنّ وجودها في تلك المناطق يعتبر انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، ومدعياً أنه “سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على إسرائيل”.

يأتي هذا التصعيد في وقتٍ لم تسفر الجولة الأخيرة التي قام بها الوفد الأميركي في بيروت عن أي نتائج إيجابية، بل تركت مزيداً من التعقيدات في ظلّ فرض واشنطن شروطاً إضافية على لبنان مقابل بدء انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها جنوباً على رأسها رؤية خطوات عملية على صعيد نزع سلاح حزب الله، من خلال الخطة التطبيقية المنتظر أن يقدّمها الجيش اللبناني إلى مجلس الوزراء.

وتبقى الأنظار مفتوحة على الخطة المنتظر أن يقدّمها الجيش إلى مجلس الوزراء في جلسته المرتقبة يوم 2 أيلول/ أيلول المقبل، والخطوات التي ممكن أن يتخذها حزب الله وحركة أمل مع رفضهما مقررات الحكومة اللبنانية، وتلويحهما بتنفيذ تحركات احتجاجية بوجهها، وسط مخاوف من تصعيد داخلي ربطاً بالخلافات السياسية الحادة، وكذلك خارجي مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحتمال توسع رقعتها.

ماكرون يتصل بعون: توافق على التمديد ليونيفيل في لبنان حتى 2027

من ناحية ثانية، تلقى الرئيس اللبناني جوزاف عون بعد ظهر اليوم الخميس اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناول آخر الاتصالات الجارية للتمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل). وشكر عون بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية الرئيس الفرنسي على الجهد الذي بذله شخصياً ووفد بلاده في الأمم المتحدة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، والذي أسفر عن التوافق للتمديد للقوات الدولية “يونيفيل” حتى نهاية العام 2027، على أن تكون مدة الفترة العملانية لهذه القوات سنة وأربعة أشهر، وتخصص سنة 2027 لتمكين الجنود الدوليين من مغادرة الجنوب تدريجياً حتى نهايتها.

واعتبر عون هذا الأمر “خطوة متقدمة سوف تساعد الجيش اللبناني في استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، متى تحقق الانسحاب الإسرائيلي الكامل وتوقفت الأعمال العدائية، وأعيد الأسرى اللبنانيون”. وتناول الاتصال أيضاً الخطة التي سيضعها الجيش لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح في يد القوى الأمنية اللبنانية وحدها، واعتبر ماكرون أنها “خطوة مهمة ينبغي أن تتسم بالدقة، ولا سيما أنها تلقى دعماً أوروبياً ودولياً واسعاً”.

وتطرق البحث بين عون وماكرون إلى التحضيرات الجارية لعقد مؤتمرين دوليين، الأول لإعادة إعمار لبنان والثاني لدعم الجيش. ولفت الرئيس الفرنسي إلى ضرورة إنجاز الإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة من أجل مواكبة انعقاد هذين المؤتمرين. وشكر عون الرئيس الفرنسي على “الاهتمام الدائم بلبنان الذي يشكل ترجمة لعمق العلاقات الثنائية التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين”.

في سياق متصل، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إنه تلقى اتصالاً من ماكرون “جدّد لي فيه التزامه عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في لبنان كما كنّا قد اتفقنا عليه خلال زيارتي الأخيرة للإليزيه، وآخر لدعم القوات المسلحة اللبنانية. كما أعرب لي عن تأييده للقرارات التي اتخذتها الحكومة بشأن حصرية السلاح”. وشكر سلام ماكرون على “دعمه المتواصل للبنان على كافة الصعد، ولا سيما للجهود الكبيرة التي بذلتها الدبلوماسية الفرنسية لضمان التمديد لليونيفيل، كما أعلمته عن نجاح الخطوة الثانية من خطة تسلّم السلاح الفلسطيني ووضعه بعهدة الجيش اللبناني”.

هذا واستقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى علي الخطيب قائد “يونيفيل” الجنرال ديوداتو أبانيارا في زيارة تعارف إثر تعيينه في منصبه قبل فترة. وأكد أبانيارا “عزمه دعم الجيش اللبناني من أجل تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان”. من جهته، قال الخطيب “نحن نقدّر تضحيات يونيفيل في ظروف صعبة خصوصاً ما تعرضت له من العدو الإسرائيلي خلال العدوان الأخير، ونشكر مساعدتكم للمدنيين في الجنوب ونقدّر موقفكم في مساعدة الجيش ومساعدة الدولة على بسط سلطتها ونؤكد استمرار هذه العلاقة والجنوبيون يقدّرون ذلك وأنتم تعرفون من يعرقل مهمتكم وهو العدو الإسرائيلي وليس اللبنانيين”.

وأضاف “كنا نأمل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن المحافظة على مصداقيته وأن يطبق القرارات، طبعاً لا أحمّلكم المسؤولية كقوات على الأرض، ولكن أنتم شهود على العدوان حيث استبيح لبنان وتم تدمير القرى وتهجير الناس من بيوتهم وبدل أن توجّه الضغوط على العدو الإسرائيلي توجّه الضغوط اليوم على الحكومة اللبنانية لمنع الإعمار ومنع عودة الناس إلى منازلها وقراها”. وأردف “كان الأحرى بمجلس الأمن أن يصنف العدو الإسرائيلي كإرهاب، ولكن تآذار الضغوط على الدولة لسحب سلاح الناس ومنعهم من الدفاع عن أرضهم، والضغوط تآذار لنزع السلاح من دون أي ضمانات”.

وتابع الخطيب “لقد التزمنا بالقرار الدولي وانسحبت المقاومة وتسلّم الجيش اللبناني السلاح وأجبر على تدميره لأنهم يرفضون أي سلاح يهدّد إسرائيل وأنتم ترون اليوم ما يفعلونه في فلسطين، نحن حريصون على سلطة الدولة اللبنانية لكن الدولة غير قادرة على الدفاع عن أرضها ولا يسمح لها بذلك، فكيف يريدون منّا أن ننزع السلاح وهو وسيلتنا للدفاع عن أنفسنا”. وختم “إسرائيل لا تخفي نيّتها بتحقيق إسرائيل الكبرى ومن ضمن ذلك جنوب لبنان، ونحن حريصون على التعاون بين يونيفيل والجيش اللبناني لضمان الأمن في المنطقة”.

وردّ أبانيارا بالقول “سنعمل بكلّ طاقتنا لمساعدة السكان في جنوب لبنان. أعدكم بالعمل بكل ما في وسعي لمساعدة الجيش اللبناني، أنا ولدت في قرية صغيرة في إيطاليا وعندما أجول في جنوب لبنان أشعر أنني في بلدي. وكل ما ترونه مناسباً لخدمة الناس أرجو أن تتصلوا بنا وتشيروا علينا للقيام به“.