الاثنين بداية العام الدراسي في الضفة الغربية بعد توفير دفعة من الرواتب

أعلن وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني، أمجد برهم، اليوم السبت، أن بعد غدٍ الاثنين، سيكون اليوم الأول لانطلاق العام الدراسي الجديد والتحاق الطلبة في مختلف المدارس في الضفة الغربية، بالتزامن مع توفير دفعة مالية خاصة بالرواتب، وذلك بعد أسبوع من تأجيل بدء العام الدراسي بسبب أزمة الرواتب المتواصلة وعدم إيفاء الحكومة الفلسطينية بدفع رواتب موظفيها بسبب قرصنة إسرائيل أموال عائدات الضرائب “أموال المقاصة”.

وأكد برهم في تصريح خلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة رام الله، لإعلان إطلاق امتحان الثانوية العامة “التوجيهي” لطلبة 2006 في قطاع غزة، أن هذا العام شهد تحديات كبيرة تتمثل في الحصار الاقتصادي وقرصنة أموال الضرائب وعدم توفر الموارد المالية بسبب الحرب الممنهجة التي طاولت جميع مناحي الحياة في فلسطين، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس، مؤكداً “يجب أن نكون على قدر هذا التحدي”. مبيّناً أنه سيتم يوم غدٍ الأحد، صرف دفعة مالية للمعلمين ولباقي موظفي الدولة، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية في ظل الظروف المعقدة.

وطالب برهم المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية حق أطفال فلسطين في التعليم، قائلاً: “نشعر بالأسى لما لحق بقطاع التعليم في غزة، وتأخير العام الدراسي في الضفة الغربية، وما يواجهه التعليم في القدس والأغوار ومسافر يطا، ونتطلع لمواقف ترتقي لحجم المأساة”. مؤكداً أن العالم اليوم أمام اختبار جدي، إذ لم يعد الوصول الآمن إلى المدارس متاحاً، ولم تعد هناك مدارس قائمة في قطاع غزة بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل.

تأتي تصريحات برهم، بعد يوم من إعلان الأمانة العامة لـ”حراك المعلمين الموحد” في بيان صحافي، أنها قررت عدم افتتاح العام الدراسي الجديد 2025/2026 في جميع المراحل التعليمية من دون استثناء، إلى حين تحقيق المطالب الأساسية للمعلمين، وعلى رأسها صرف الرواتب كاملة والتعهد بعدم المساس بها مستقبلاً تحت أي ظرف، وجدولة المستحقات المالية المتأخرة ضمن سقف زمني محدد، وإضافة علاوة 10% إلى طبيعة العمل وصرفها بأثر رجعي اعتباراً من 1 كانون الثاني/كانون الثاني 2023، مؤكدة أن هذه المطالب “غير قابلة للنقاش بتاتاً”. وقال الحراك: “إن المشكلة لم تعد في غياب الحل، بل في الحل المذل الذي تطرحه الحكومة، حيث إن المعلم الفلسطيني لم يعد قادراً على تحمل خذلان الحكومة له وتجاهل الوضع الأمني في الضفة وحرمان أبنائه من لقمة عيشهم”.

وأكد البيان أن “كل مبلغ يحصله المعلم صغيراً كان أو كبيراً، بطون أولاده أولى به”. وانتقد الحراك ما وصفه بـ”بطولات من ورق وحلول وهمية”، متهماً الحكومة واتحاد المعلمين ولجنة معلميه وجهات أخرى بـ”التغطية على الأزمة عبر أطروحات لتقليص الدوام وعدد أيامه ونصاب الحصص، وهي أمور مرفوضة قطعاً”. واعتبر الحراك أن “الأزمة الحالية كشفت حقيقة المؤامرة الرامية إلى تجهيل الطالب وخصخصة التعليم وازدراء المعلم”. وقال الحراك: “لسنا من طلب تقليص الدوام، ولسنا من نطالب به، نحن نعلن بوضوح أننا نقدم عدم افتتاح العام الدراسي بتاتاً على افتتاحه ناقصاً كما تروج أبواق الحكومة”، مشيراً إلى أن الدراسة الدقيقة للواقع المادي والاجتماعي للمعلمين أفضت إلى هذا القرار.

اضطرت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية إلى تأجيل موعد بدء العام الدراسي “على خلفية استمرار تداعيات الأزمة المالية

ووجه الحراك رسائل متعددة؛ أولها للحكومة قائلاً: “إن تصريحاتها بشأن الرواتب وصمة عار”، مؤكداً أن “اختزال الأزمة في تقليص الدوام أو التعليم بالمهمات ذراً للرماد في العيون”، خاصة أن غالبية الأسر الفلسطينية لا تملك القدرة على متابعة المهمات المنزلية ولا اتصالاً ثابتاً بالإنترنت، بينما يدفع المعلمون للمواصلات أكثر مما يدفعون لفاتورة الاتصالات.

أما رسالة الحراك للمعلمين، فقد تضمنت انتقاداً لكونهم “منحوا الحكومة الفرصة تلو الأخرى”، داعياً إياهم لتصحيح الموقف “كي يتغير تعامل الحكومة مع قطاع التعليم”. وحذّر الحراك المجتمع قائلاً “أبناؤكم في خطر”، مطالباً الجميع بتحديد موقف “إما مع الحق وإما مع الظلم”. وفي رسالته الأخيرة للطلبة، أكد الحراك أن “حقهم في التعليم محفوظ ما داموا واقفين إلى جانب حقوق معلميهم”، داعياً إياهم أن يكونوا “خير سند لقدوتهم وألا يتركوهم وحدهم في الميدان”.

والسبت الماضي، اضطرت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية إلى تأجيل موعد بدء العام الدراسي “على خلفية استمرار تداعيات الأزمة المالية التي تمر بها دولة فلسطين نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في الحصار الاقتصادي؛ وقرصنة أموال الضرائب الفلسطينية”، وفق ما جاء في البيان الذي أشار إلى أنّ ذلك انعكس على مسار استكمال الجاهزية لبدء العام الدراسي في موعده المقرر، وأنّ العام الدراسي 2026/2025 سيبدأ في الثامن من الشهر الجاري، فيما كان مقررًا أن يبدأ الاثنين الماضي، على أن تستثنى من ذلك مدارس القدس المحتلّة.

وكان الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين لوح نهاية الشهر الماضي، بتقليص أيام دوام التعليم نظرًا إلى الظروف الاقتصادية القائمة على اقتطاع الاحتلال أموال المقاصة، وتفشّي نسبة البطالة حتى أصبح عدد العاطلين يفوق الـ 500 ألف عاملٍ. وكان الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين قد نشر بيانًا في الواحد والعشرين من الشهر الماضي، حول بدء العام الدراسي الجديد، أشار فيه إلى أن “الدوام سيقتصر على ثلاثة أيام فقط وأن الحكومة تتحمل كامل مسؤولياتها تجاه المعلمين والموظفين عبر صرف الرواتب وتمكينهم من تلبية احتياجات أسرهم الأساسية مع بداية العام الدراسي، وإلا فإن كل الخيارات النقابية ستكون مطروحة على الطاولة دون استثناء”.

ومنذ نحو أربع سنوات تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة اقتطاعات من أموال المقاصة “عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية” وفق اتفاقات دولية، وهو ما أثر على ايفاء السلطة بالتزاماتها تجاه موظفيها وعدم تمكنها من دفع الرواتب كاملة، بينما لم تتمكن للشهر الثاني على التوالي من دفع الرواتب بتاتاً نتيجة تصاعد الأزمة، حيث كان آخر دفعة نهاية شهر تموز/ تموز الماضي، عن شهر أيار/ أيار الماضي، وبنسبة 60 %.