هآرتس: مقتل جنود نتيجة انفلات وتجاوزات في محور موراغ جنوبي غزة

أسفر إهمال قادة في لواء غولاني في جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل جنود وإصابتهم في محور موراغ العسكري، الذي يفصل بين رفح وخانيونس جنوبي قطاع غزة، في الآونة الأخيرة، وفق شهادات جنود وضباط، نقلتها صحيفة “هآرتس” العبرية اليوم الثلاثاء. ووصف الجنود والضباط ما يحدث في المنطقة التي تتمركز فيها قوات الاحتلال على المحور، بـ”انعدام الانضباط العملياتي”، ما يودي بحياة جنود.

وقال الجنود الذين تحدثوا إلى “هآرتس”، إنهم حذّروا قائد اللواء وقادة كبار آخرين، لكن هؤلاء تجاهلوا تحذيراتهم. وقال أحدهم بغضب: “الجنود يُقتلون بسبب إهمال القادة، ولا أحد يفعل شيئاً”. وأضافوا أن جيش الاحتلال، لم يُجرِ تحقيقات معمّقة وموثوقة، بشأن الحوادث التي قُتل أو أُصيب فيها جنود.

ووقعت الحادثة القاتلة الأخيرة في المنطقة يوم السبت الماضي، حيث قُتل جندي الاحتياط أريئيل لوبلينر. وكان لوبلينر ضمن قافلة لوجستية متوجّهة إلى الموقع العسكري التابع للواء غولاني في محور موراغ. وبعد خروج الجنود من الموقع، بدأوا بالتحرك من أجل مغادرة المنطقة، وعندها أصيب لوبلينر برصاصة أُطلقت من إحدى نقاط الحراسة في المكان، وأدت إلى مقتله، فيما علّق جيش الاحتلال، بأن الحادث نجم عن “طلقة طائشة”. لكن مصادر الصحيفة العبرية، لفتت إلى صورة أكثر تعقيداً، إذ وجّه الجندي مطلق النار سلاحه نحو القافلة، ولسبب غير واضح، فتح صمام الأمان وأطلق النار. ولم يُعزل الجندي من منصبه، ويواصل الخدمة في الوقت الراهن في الموقع. وذكر مصدر مطّلع على ما يجري في المحور المذكور، لم تسمّه الصحيفة، أن الجيش لم يحقق بعد في ظروف إطلاق النار أو في حالة الجندي النفسية.

الصورة

محور موراغ جنوبي قطاع غزة / 6 آب 2025 (Getty)

آليات الاحتلال في محور موراغ جنوبي قطاع غزة / 6 آب 2025 (Getty)

وفي تموز/تموز الماضي، وقعت حادثة قاتلة أخرى في ذات الموقع العسكري. حينها طلب قادة الجندي عمّيت كوهين، منه تسليح طائرة مسيّرة مدنية بقنبلة، رغم أن هذا النوع من الطائرات لا يُفترض استخدامه في العمليات القتالية العسكرية. وبعد أن أطلق الجنود الطائرة في الجو، سقطت القنبلة بين أقدامهم، مما أدى إلى مقتل كوهين في الانفجار، وإصابة ضابط كان بجانبه بجروح خطيرة. الجيش الإسرائيلي سارع إلى الادّعاء بأن “كوهين كان يعبث بالطائرة المسيّرة بشكل غير مسؤول”، لكن شهادات من جنود في القوة تشير إلى أن القادة هم من أمروا كوهين بتركيب القنبلة على الطائرة، في مخالفة واضحة للأوامر العسكرية، وبطريقة عرّضت حياة الجنود للخطر. ورغم خطورة الحادث، لم يُعاقب أي قائد ولم يُعزل أحد من منصبه.

إلى جانب الحوادث القاتلة، وقعت في ذات الموقع العسكري عدة حوادث أخرى، والتي قال الجنود إنها “انتهت دون قتلى فقط بفضل الحظ”. على سبيل المثال، اندلع حريق مساء أمس الاثنين في أحد المباني داخل الموقع الذي يتمركز فيه الجنود، مما تسبب بأضرار جسيمة لمعداتهم. وتبيّن أن الحريق اندلع نتيجة سيجارة مشتعلة ألقاها أحد الجنود بالقرب من المعدات. واضطر الجنود إلى مغادرة المبنى بسبب النيران، وتم استدعاء جرافة للمساعدة في جهود الإطفاء.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، أصابت قذيفة هاون الجدار الخارجي لأحد المباني في الموقع العسكري. واعتقد الجنود في البداية أنهم يتعرضون لهجوم من قبل المقاومة، وبدأوا بمحاولة تحديد مصدر إطلاق النار. لكن تحقيقاً أجراه القادة في الميدان، كشف أن فريقاً من نفس الكتيبة هو من أطلق قذيفة هاون عيار 120 ملم باتجاه المبنى الذي كان بداخله عشرات الجنود من نفس القوة. وقال القادة والجنود الذين تحدثوا إلى “هآرتس”، إن الموقع العسكري لا يطبّق ما يُعرف بـ”الانضباط العملياتي” المطلوب من الجنود في منطقة قتال. وساقوا مثالاً على ذلك، بأن الجنود في الموقع لا يرتدون الأحذية أو الجوارب أثناء وجودهم فيه، كما يتم تخزين المواد المتفجرة والعبوات الناسفة بطريقة فيها إهمال، تُعرضهم للخطر.

ويوضح الجنود أنهم يعانون من إنهاك شديد نتيجة القتال المكّثف الذي يشاركون فيه منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023، والذي يؤثر، بحسب قولهم، في جاهزيتهم القتالية. ورغم الطلبات المتكررة من أهالي الجنود، فإن الجيش لا يسمح لهم بالخروج للاستراحة بشكل أكثر انتظاماً، ولا يجري مراجعة لسلوك القادة في اللواء. وقال مصدر مطّلع على ما يجري في الموقع العسكري: “يجب أن تكون هناك دراية بهذا الحدث، وبما يحدث هناك”.