منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، شنت جماعة الحوثي اليمنية أكثر من 90 هجومًا على إسرائيل بالطائرات المسيّرة والصواريخ، وأكثر من 100 هجوم على سفن إسرائيلية أو مرتبطة بها. ورغم نجاح تل أبيب في تحييد جبهات أخرى، بقيت الجبهة اليمنية عقدة لم تحسم حتى الآن.
ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن الحوثيين أطلقوا منذ تشرين الأول 2023 أكثر من 200 صاروخ على إسرائيل؛ منهم 41 صاروخًا بالستيًا ومئات الطائرات المسيّرة، معظمها صوب إيلات والجنوب.
وفي البحر الأحمر، استهدفت الجماعة ما يزيد على مئة سفينة، أغرقت عددًا منها وقتلت ثمانية بحارة، ما دفع شركات الشحن لتغيير مساراتها.
جماعة الحوثي تفرض نفسها في المنطقة
وتكشف الصورة الأوسع أن الحوثيين يمتلكون ترسانة متطورة تشمل: صواريخ “بركان-3” بمدى 2000 كيلومتر وصواريخ كروز من عائلة “قدس” وطائرات مسيّرة بعيدة مثل “صماد-3”.
وجعل الدعم الإيراني في التدريب والتكنولوجيا والتصنيع المحلي المتنامي صنعاء ورشة مفتوحة للصواريخ والطائرات. كما انعكس هذا التطور على البحر الأحمر، حيث شلت حركة ميناء إيلات بنسبة 90% بفعل الخوف من الهجمات.
كما اضطرت واشنطن لقيادة تحالف دولي باسم “حارس الازدهار” لإعادة الملاحة. وهذا من شأنه أن يدل على أن جماعة الحوثي صارت لاعبًا مؤثرًا يربط بين حرب غزة والتوازنات الأوسع في الإقليم.
ولكن الحملة الأميركية لم تفلح في استعادة الملاحة كليًا، إذ استمر الحوثيون بتكتيك الكمائن الجوية والبحرية، فيما واصلت إسرائيل استهداف ترسانتهم العسكرية بالضربات الجوية، وسط تساؤلات عن مدى إمكانية نجاح المسعى الإسرائيلي.
ولا تبدو المهمة بتلك السهولة، فالمخازن محصنة تحت الجبال والأنفاق. كما أقر مسؤولون إسرائيليون بمفاجأتهم من حجم البنية التحتية، إذ كشف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن تل أبيب لم تكن تعلم أن الحوثيين يصنعون صواريخ بمدى 2000 كيلومتر في مخابئ ضخمة تحت الأرض.
إلا أن اغتيال إسرائيل السبت 12 مسؤولًا في حكومة جماعة الحوثي، بينهم رئيس الوزراء أحمد الرهوي وعدد من وزرائه أثار تساؤلات عن مدى نجاعة العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن، وتأثيرها على قدرات الحوثيين.
تفوق إسرائيل الاستخباري وقدرات الحوثيين العسكرية
وفي هذا الشأن، أوضح محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية محمد الصمادي أن إسرائيل كانت تعاني من شح في المعلومة الاستخباراتية في اليمن، ولكنها استطاعت في الفترة الأخيرة أن تبني بنكًا من المعلومات بفضل تزويد العديد من الدول الغربية لها بالمعلومات الاستخبارية.
وأضاف الصمادي في حديثه من عمّان، أن عملية الاغتيال الأخيرة تدل على امتلاك إسرائيل معلومات مهمة أدت إلى نجاح العملية، لافتًا إلى أنه من غير المحتمل أن تؤثر الضربة في القدرات العسكرية للحوثيين.
وأكد أن العمليات غير التقليدية التي تنفذها جماعة الحوثي تشكل تحديًا مباشرًا للمفهوم التقليدي للتفوق الإسرائيلي سواء الجوي أو الأمني، مشيرًا إلى وجود تغير في موازين الردع الإقليمي.
وقال إن اليمن فاجأ جميع دول المنطقة وإسرائيل بامتلاكه أسلحة ردع وصواريخ بالستية فرط صوتية وطائرات مسيّرة بقدرات جيدة.
وختم بأن قدرات الجماعة اليمنية لم تكسر، وأنها لا تزال قادرة على الاستمرار في حرب الاستنزاف، مرجحًا أن تكون المسيّرات والخطر البحري الذي يشكله الحوثيون العنوان الرئيسي في المرحلة القادمة.