في وادي السيليكون حيث تصاغ حكايات التكنولوجيا الكبرى، تبرز شركة تحمل اسم بالانتير، التي تعرف عن نفسها بأنها شركة برمجيات متخصصة في تحليلات البيانات الضخمة.
إلا أن هذه الشركة توصف بأنها أشبه بـ “مدرسة خفية” بعدما خرجت مئات المؤسسين الذين يقودون اليوم موجة من الشركات الناشئة الأكثر رواجًا في العالم.
وخلف الكواليس، نسج هؤلاء الخريجون شبكة متينة، تدعم بعضها بعضًا في التوظيف، في الاستثمار، وحتى في الوصول إلى صناع القرار.
وصنعت هذه الشبكة نفوذًا يتجاوز حدود الشركات، ليصل إلى الجيش الأميركي ووكالات الاستخبارات، بما في ذلك مشاركتها في حملة إدارة دونالد ترمب على الهجرة.
وقفز نجاحها بسهمها خمسة أضعاف في عام واحد، فيما تجاوزت شركات خريجيها عتبة المليار دولار وأكثر.
عمل خريجي شركة بالانتير خلف الكواليس
فعلى سبيل المثال، شارك أحد مهندسي “بالانتير” البارزين، الذي عمل في الشركة أربع سنوات، في تطوير منصة مراقبة لحظية لشركة الطاقة العملاقة BP بهدف تحليل آبار النفط حول العالم.
بينما اتجه مهندس آخر لاحقًا لتأسيس منصة لاستخبارات البيانات، تركز اليوم على تزويد الحكومات المحلية ووكالات إنفاذ القانون بحلول تقنية متقدمة.
وخلال العام الماضي، نسجت شخصيات بارزة في وادي السيليكون علاقات متينة مع البيت الأبيض ووكالات فيدرالية، ما عزز نفوذ قطاع التكنولوجيا في ملفات محورية تشمل العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي والدفاع.
وتشكل قصة “بالانتير” مثالًا بارزًا عن تلاقي المال والتكنولوجيا والسياسة، وعن جيل جديد من الذين يرسمون اليوم ملامح المستقبل في الذكاء الاصطناعي، والعملات المشفرة، وحتى الدفاع.
وادي السيليكون مركز التكنولوجيا العالمية
وفي وادي السيليكون، حيث تتواجد الشركة سُجل نحو 24 ألف براءة اختراع في 2024.
ويقع الوادي في الجزء الجنوبي من خليج سان فرانسيسكو في شمال كاليفورنيا، ويحتضن أبرز شركات التكنولوجيا العالمية، مثل آبل، وسيسكو، ومايكروسوفت، وغوغل، وأوراكل.
وقد كان لخريجي جامعة ستانفورد دور محوري في دفع عجلة النمو والابتكار في هذه المنطقة.
وظهر مصطلح “وادي السيليكون” في السبعينيات، عندما تحولت المنطقة إلى قلب الصناعات التكنولوجية في الولايات المتحدة، مدفوعة بنجاح وكالة ناسا، التي تتخذ من المنطقة مقرًا رئيسيا لها، في الوصول إلى القمر.
ويعود تاريخ وادي السيليكون إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما أقر الكونغرس قانون الاستثمار في الأعمال الصغيرة، مقدمًا إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة حول جامعة ستانفورد.
في الوقت نفسه، أنشأت الحكومة وكالة DARPA لتمويل الأبحاث المتقدمة في التقنيات الجديدة، ممهدة الطريق لصعود المنطقة، معقلا للابتكار والتكنولوجيا.
وقد أسهم توفر التمويل السهل والخالي نسبيًا من المخاطر في تحفيز الابتكار وإرساء الأسس، حتى أصبح لاحقًا وادي السيليكون مركزا للتكنولوجيا العالمية.
ومع تصاعد التوترات خلال الحرب الباردة وسباق الفضاء، ارتفع الطلب على الإلكترونيات والدوائر المتكاملة، ما أتاح الفرصة لنشوء عدد من الشركات التقنية التي تطورت لاحقا لتصبح شركات عملاقة عالمية.