أبحر من مدينة برشلونة الإسبانية، اليوم الأحد، أسطول يحمل مساعدات إنسانية وناشطين من بينهم السويدية غريتا تونبرغ، في محاولة “لكسر الحصار غير القانوني” الذي تفرضه إسرائيل على غزة، بحسب منظميه، وذلك تحت شعار “بينما يبقى العالم صامتاً، نحن نُبحر”. يأتي ذلك فيما يعدّ الاحتلال خطة للاستيلاء على السفن واحتجاز الناشطات.
وغادرت حوالي 20 سفينة ترفع أعلاماً فلسطينية وتقل مئات الأشخاص الميناء الكاتالوني بعيد الساعة 15:30 (13:30 بتوقيت غرينتش). ويشارك في الأسطول ناشطون من 44 دولة في محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. وقال سيف أبو كشك، المتحدث باسم الأسطول، إنّ “المبادرة ستعمل بلا كلل حتى كسر الحصار عن القطاع، وإيقاف الإبادة الجماعية في غزة”.
وفي ما يتعلق بالتحديات والمخاطر التي قد تلحق بهم في طريقهم البحري إلى غزة، قال أبو كشك في مقابلة مع وكالة الأناضول: “نعلم أن إسرائيل قد تتخذ بعض الإجراءات العنيفة ضدنا في طريقنا نحو غزة”. وأكد أنه لا يمكن مقارنة أي خطر محتمل قد يواجهونه بالأخطار التي يواجهها الفلسطينيون يومياً في غزة. وأضاف: “رسالتنا الأولى ستكون لأهل غزة: وصلنا متأخرين، لكننا لن نستسلم أبداً. سنعمل بلا كلل حتى نكسر الحصار ونوقف الإبادة الجماعية”. وأما عن رسالتهم إلى العالم بحسب أبو كشك، فهي أن “على الجميع أن يسألوا أنفسهم: ماذا فعلتم لمنع الإبادة الجماعية؟ لا يسعنا إلا تنظيم أنفسنا وحشد الجهود، فهذا واجبنا الأخلاقي”.
واحتشد آلاف الأشخاص لتوديع السفن في برشلونة للتعبير عن دعمهم أكبر أسطول بحري غير حكومي بهدف إيقاف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
خطة إسرائيلية للاستيلاء على السفن واحتجاز الناشطات
لكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يخطط لتقديم خطة إلى بنيامين نتنياهو لاحتجاز الناشطات في ظروف قاسية “على مستوى الإرهاب” في مركزي احتجاز “كتسيعوت” و”دامون” للنساء، بحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”، إحدى أكبر الصحف الإسرائيلية. وتتضمن الخطة أيضاً الاستيلاء على عشرات السفن واستخدامها لإنشاء “قوة بحرية لعمليات الشرطة”. ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مقربين من بن غفير قولهم: “بعد أسابيع من وجودهم في كتسيؤوت ودامون، سيندمون على الوقت الذي وصلوا فيه إلى هنا. يجب أن نقضي على رغبتهم في محاولة أخرى”.
ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية وحركة غزة العالمية وقافلة الصمود ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية، ويضم آلاف الناشطين. وقال الناشط البرازيلي تياغو أفيلا لصحافيين في برشلونة الأسبوع الماضي: “ستكون هذه أكبر مهمة تضامنية في التاريخ”، إذ “سيشارك فيها عدد أكبر من الأشخاص والسفن يفوق كل محاولات الوصول إلى غزة”.
ويفترض أن تشارك في الأسطول عشرات السفن الإضافية التي ستنطلق من تونس ودول أخرى مطلة على البحر الأبيض المتوسط في الرابع من أيلول/أيلول، إضافة إلى تظاهرات و”نشاطات متزامنة” في 44 دولة، وفق ما أفادت به على إنستغرام الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، وهي عضو اللجنة التوجيهية في “أسطول الصمود العالمي”، وانضمت غريتا إلى الأسطول وقالت للمحتشدين قبل انطلاق الأسطول: “إنها مهمة تهدف إلى الوقوف في وجه النظام الدولي الذي يتسم بالعنف البالغ ويتعامل مع الأوضاع كأنها طبيعية ولا يطبق القانون الدولي”.
وقالت تونبرغ في مقابلة مع وكالة فرانس برس إنّ السفن في هذا الأسطول الجديد ستسعى “للوصول إلى غزة وتسليم المساعدات الإنسانية وإعلان فتح ممر إنساني، ثم جلب مزيد من المساعدات، وبالتالي كسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني وغير الإنساني على غزة نهائياً”. وأضافت: “لم يكن ينبغي أن توجد مهمة مماثلة”، موضحة أنه “يجب أن يقع على عاتق حكوماتنا ومسؤولينا المنتخبين العمل والسعي للدفاع عن القانون الدولي، ومنع جرائم الحرب، ومنع الإبادة الجماعية”، لكنهم “يفشلون في ذلك، وبذلك يخونون الفلسطينيين، بل البشرية جمعاء”. وتابعت: “للأسف، الأمر متروك لنا، نحن المواطنين العاديين، لتنظيم” هذا الأسطول. وفي الوقت الذي تعد فيه هذه المحاولة الـ38 لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، قالت تونبرغ إن هذه القافلة تختلف عن سابقاتها لأن “لدينا الآن مزيداً من السفن، وعددنا أكبر، وهذه التعبئة تاريخية”.
وكانت السفينة “حنظلة” قد وصلت إلى حدود 70 ميلاً من غزة حينما اختطفها الجيش الإسرائيلي، حيث تجاوزت المسافات التي قطعتها سفن سابقة مثل “مرمرة الزرقاء” التي كانت على بعد 72 ميلاً قبل اعتراضها من إسرائيل عام 2010، وسفينة “مادلين” التي وصلت إلى مسافة 110 أميال، وسفينة “الضمير” التي كانت على بُعد 1050 ميلاً، وفق اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة.
ويتزامن انطلاق الأسطول بينما أعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، “حالة المجاعة في مدينة غزة”، وتوقعت امتدادها إلى محافظتي دير البلح وخانيونس بنهاية أيلول/أيلول المقبل، ويتزامن أيضاً مع أوضاع إنسانية تتفاقم بسبب القصف والحصار الإسرائيليين، وسط خشية من عدوان إسرائيلي وشيك على مدينة غزة في إطار تنفيذ خطة احتلال المدينة.
(فرانس برس، العربي الجديد)