ارتفاع ثقة الشركات في بريطانيا إلى أعلى معدلاتها خلال 10 سنوات

ارتفعت ثقة الأعمال في بريطانيا الشهر الجاري إلى أعلى معدلاتها خلال نحو 10 سنوات، مع اتجاه أغلبية الشركات إلى توظيف مزيد من العمالة خلال العام المقبل رغم زيادة الضرائب التي فرضتها وزيرة المالية راشيل ريفز. وأظهر مؤشر باروميتر الأعمال، الذي يصدره بنك لويدز البريطاني، أنّ أكثر من 80% من الشركات ذكرت أنّ الزيادة الحادة في ضريبة الأجور والحد الأدنى للأجور في إبريل/ نيسان الماضي لن يكون لها سوى تأثير محدود على خططها للتوظيف.

وكشف المؤشر أنّ خطط التوظيف ارتفعت للشهر الرابع على التوالي، حيث أعربت 62% من الشركات عن اعتزامها إضافة عمالة خلال الشهور الـ12 المقبلة. وأظهر الاستطلاع، الذي شمل 1200 شركة وأُجري خلال أول أسبوعين من الشهر الجاري، ارتفاع ثقة الشركات بنسبة 2% ليسجل المؤشر 54 نقطة، في أعلى معدل له من تشرين الثاني/ تشرين الثاني عام 2015.

ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن هان جو هو، كبير خبراء الاقتصاد لدى مصرف لويدز التجاري، قوله: “يشير استمرار الاتجاه الصعودي في ثقة الأعمال إلى أن الشركات البريطانية ما زالت تشعر بالتفاؤل بشأن آفاقها التجارية، في حين أن هناك فتوراً في الثقة حيال الاقتصاد البريطاني الأوسع”.

ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال في بريطانيا إلى أعلى مستوى منذ نحو عقد يعكس مزيجاً من العوامل الاقتصادية والسياسية. فمن جهة، ورغم الضغوط المالية الناجمة عن السياسات الضريبية الجديدة، خصوصاً زيادة ضريبة الأجور والحد الأدنى للأجور، يبدو أن الشركات تتبنى نظرة طويلة الأمد تُرجح النمو على التحديات قصيرة الأجل. هذا التفاؤل قد يرتبط أيضاً بتحسن نسبي في بيئة الأعمال نتيجة استقرار السياسات النقدية وتراجع الضغوط التضخمية مقارنة بالعامين الماضيين.

لكن في المقابل، يظهر تباين واضح بين ثقة الشركات في مستقبل أعمالها الخاصة وبين رؤيتها للاقتصاد البريطاني ككل. فتراجع النمو الاقتصادي، وضعف الإنتاجية، واستمرار التحديات المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست“، كلها عوامل لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد الأوسع. ومع ذلك، يبدو أن الشركات تراهن على قدراتها الداخلية في الابتكار والتوظيف وتوسيع الإنتاج، وهو ما يفسر ارتفاع خطط التوظيف للشهر الرابع على التوالي.

إضافة إلى ذلك، فإن سوق العمل البريطانية لا تزال من أبرز نقاط القوة في الاقتصاد، حيث تُظهر مرونة في مواجهة الأزمات، ما يدفع الشركات إلى الاستثمار في الكفاءات البشرية لتعزيز تنافسيتها. هذا يفسر قبولها بزيادة تكاليف التشغيل مقابل الحفاظ على جاذبية القوى العاملة وضمان استمرارية النمو.

يُظهر ارتفاع ثقة الأعمال في بريطانيا أن القطاع الخاص يسعى إلى تجاوز التحديات المالية والاقتصادية عبر الاستثمار في التوظيف والتوسع، مع إبداء مرونة أمام السياسات الضريبية الجديدة. لكن هذا التفاؤل لا يخلو من الحذر، إذ يظل مشروطاً بقدرة الحكومة على توفير بيئة اقتصادية مستقرة تدعم خطط النمو. ومع أن مؤشر باروميتر الأعمال يبعث برسالة إيجابية عن مستقبل الشركات، إلا أن التباين بين تفاؤلها الداخلي وقلقها حيال الاقتصاد الكلي يعكس أن الطريق نحو انتعاش شامل لا يزال يحتاج إلى إصلاحات هيكلية ودعم أكبر للإنتاجية والاستثمار.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)