استُكمِلت عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وشملت اليوم الخميس، ذلك الموجود في مدينة صور جنوبي البلاد، وذلك تنفيذاً لمقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 أيار/ أيار 2025، بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذاً لمقرّرات الاجتماع المشترك للجنة الحوار الفلسطيني في 23 أيار الماضي.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب لـ”العربي الجديد” إننا “سلّمنا الجيش اللبناني اليوم الأسلحة الموجودة في مخيمات صور جنوبي لبنان أي برج الشمالي والرشيدية والبص”، مشيراً إلى أنّ “الأسلحة التي سلّمناها هي أسلحة ثقيلة مدفعية وصاروخية وستكون بعهدة الدولة والجيش اللبناني”، ومؤكداً أنّ “عملية تسليم السلاح مستمرة وستستكمل وتشمل كل المخيمات”.
إلى ذلك، قالت لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في بيان إنّ “عملية تسلّم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية استكملت اليوم جنوب نهر الليطاني، حيث جرى تسليم دفعات من السلاح الثقيل العائد إلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، ووُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني. وقد شملت العملية ثماني شاحنات: ستّ من الرشيدية، واحدة من البص، وأخرى من البرج الشمالي، على أن تُستكمل المراحل الباقية في بقية المخيمات وفق الخطة المتفق عليها”.
وأضافت “تشكل هذه الخطوة محطة أساسية تؤكد أنّ مسار تسليم السلاح يُستكمَل بجدّية تامة، ولم يعد من الممكن التراجع عنه، باعتباره خياراً استراتيجياً ثابتاً ومتفقاً عليه بين الدولة اللبنانية والدولة الفلسطينية. ويعكس هذا المسار التزاماً حازماً بمبدأ سيادة الدولة اللبنانية وبسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها، وبحصرية السلاح في يد مؤسساتها الشرعية دون سواها”.
كذلك، أشارت اللجنة إلى أن “هذه العملية تأتي تنفيذاً لما تقرر في القمة اللبنانية – الفلسطينية بتاريخ 21 أيار 2025، وما أعقبه من اجتماع مشترك للجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، والذي وضع خريطة طريق واضحة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل ونهائي، وللحفاظ على كرامة الفلسطينيين المقيمين في لبنان وحقوقهم الإنسانية، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري”. وختمت بالقول إنّ “لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني، إذ تشدد على أنّ هذه العملية تعبّر عن جدية راسخة في إنجاز هذا الملف، ترى فيها انتقالاً إلى مرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية–الفلسطينية، قائمة على الشراكة والتعاون في صون الاستقرار الوطني واحترام السيادة اللبنانية”.
وفي وقت سابق اليوم الخميس، قال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، رامز دمشقية، لـ”العربي الجديد”، إنّ “عملية تسليم السلاح داخل المخيمات بدأت الخميس الماضي وتستكمل اليوم وغداً سواء في الجنوب في صور، وبيروت، وستستمرّ وتليها مراحل مقبلة”. وحول الانتقادات التي طاولت عملية تسليم السلاح الخميس الماضي بالنظر إلى كميتها القليلة، قال دمشقية إن “حجم العملية التي حصلت الخميس الماضي صغير، لكنها كبيرة بدلالاتها ومعانيها، وهي خطوة على طريق تنفيذ خطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري، وطبعاً اتفاق الطائف”.
وحول الانقسامات الفلسطينية وتأكيد بعض الفصائل أنها لن تسلّم سلاحها، شدّد دمشقية على أنّ “التركيز الآن هو مع حركة فتح ومنظمة التحرير، والمشاورات ستحصل طبعاً مع باقي المجموعات الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن النتيجة من الآن”. وإذ رأى دمشقية أن عملية تسليم السلاح ستتم بسلاسة، أعرب عن اعتقاده في معرض ردّه على سؤال أنّ المخيم الذي قد يكون الأصعب هو عين الحلوة، مشيراً إلى أنه “بعد كل المتغيرات والتطورات التي حصلت في المنطقة والزلازل التي ضربتها، لا أعتقد أن السلاح يخدم القضية الفلسطينية بشكل مناسب، لكنه قادر على زعزعة خطة أمنية لبنانية طموحة يحلم بها اللبنانيون منذ عقود، وهي حصر السلاح بيد الدولة”.
ورافق انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الخميس الماضي جدل كبير في ظلّ أولاً الحجم القليل لشحنة الأسلحة التي وضبت بأكياس ووضعت بشاحنة صغيرة، وسلّمت إلى الجيش من مخيم برج البراجنة في بيروت، وثانياً، مع تضارب المواقف، ولا سيما الفلسطينية منها، بحيث خرجت سريعاً بعض الفصائل لتؤكد أنّ ما جرى تسليمه كان سلاحاً غير شرعي ومرتبطاً بمسؤول أقيل من حركة فتح يدعى شادي الفار، نافيةً بدء تسليم السلاح، واضعة فقط ما حصل في إطار الشأن التنظيمي الداخلي الخاص بـ”فتح”.
الرئاسة الفلسطينية: تسليم الدفعة الثانية من السلاح الموجود داخل المخيمات للجيش اللبناني
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إنّ “الجهات الفلسطينية المختصة في لبنان سلّمت الدفعة الثانية من سلاح منظمة التحرير الفلسطينية الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهي مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي للجيش اللبناني كعهدة (وديعة)، اليوم الخميس، على أن تستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعاً”، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.
وأضاف أنّ “ذلك جاء بناء على البيان الرئاسي الصادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، في 21 أيار الماضي”. وأوضح أنّ “الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية”، مشيراً إلى أنّ “الجانبين أكدا التزامهما توفير الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حياة كريمة دون المساس بحقهم في العودة، أو التأثير في هويتهم الوطنية”. كما أكد أبو ردينة أنّ “الجانبين شددا على التزامهما مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وإنهاء أي مظاهر مخالفة لذلك، وأهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه”.