للمرة الثالثة خلال العام الجاري، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري في اجتماعها اليوم الخميس، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس (2%) إلى 22 و23% و22% على التوالي. كذلك قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 22.5%. وجاء القرار متوافقاً مع غالبية توقعات الخبراء والمؤسسات المالية، وانعكاساً لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق، ولتعزيز المسار النزولي المتوقع للتضخم ودعم النشاط الاقتصادي المحلي، بحسب بيان أورد الموقع الإلكتروني للبنك المركزي.
وعلى الصعيد العالمي، بحسب البيان، شهدت الفترة الأخيرة بوادر تعافٍ في النمو واستقراراً في توقعات التضخم، ما دفع البنوك المركزية في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى مواصلة تيسير سياساتها النقدية تدريجياً، في ظل حالة عدم اليقين الحالية. أما أسعار السلع الأساسية، فقد سجلت اتجاهات متباينة؛ حيث شهد النفط تقلبات طفيفة نتيجة عوامل العرض، بينما تباينت أسعار السلع الزراعية. غير أن النمو والتضخم العالمي ما زالا عُرضة للمخاطر، خصوصاً مع احتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية واضطرابات السياسات التجارية.
أما على المستوى المحلي، فقد أظهرت التقديرات الأولية للبنك المركزي المصري أن النمو الاقتصادي سجل ارتفاعاً خلال الربع الثاني من 2025، مدفوعاً بالمساهمات الإيجابية من قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة. وتشير التوقعات إلى أن النشاط الاقتصادي قد توسع بمعدل 5.4% خلال الربع الثاني من العام، ليحقق معدل نمو حقيقي متوسط 4.5% خلال العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ2.4% في العام المالي 2023/2024. وشهد سوق العمل تحسناً، حيث تراجع معدل البطالة إلى 6.1% في الربع الثاني من العام مقابل 6.3% في الربع الأول.
وتعكس أحدث البيانات أيضاً تراجع معدلات التضخم؛ فقد انخفض التضخم السنوي العام إلى 13.9% في تموز 2025 مقابل 14.9% في حزيران، بينما ظل التضخم الأساسي مستقراً عند 11.6% مقابل 11.4% في حزيران. وعلى أساس شهري، سجل التضخم العام سالب 0.5% والتضخم الأساسي سالب 0.3%، ما يعكس استمرار المسار النزولي للتضخم مدعوماً بسياسة البنك المركزي الحالية وتراجع الضغوط الشهرية على الأسعار.
وتشير توقعات البنك المركزي إلى أن التضخم سيواصل الانخفاض ليقترب من متوسط 14% إلى 15% خلال عام 2025، مع إمكانية أن يقترب من المستهدف البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من 2026. ويؤكد البنك أن هذه التقديرات لا تزال عُرضة للمخاطر المحلية والعالمية، بما في ذلك آثار أي تحركات أسعار محددة إدارياً أو تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وفي ضوء هذه التطورات، رأت لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس يعد خطوة مناسبة لدعم التوقعات وضمان استمرار المسار النزولي للتضخم، مع الحفاظ على مرونة السياسة النقدية للتعامل مع أي تطورات مستقبلية. وأكدت اللجنة استمرار تقييم قراراتها بشأن التيسير النقدي على أساس كل اجتماع، ومراقبة جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية من كثب، مع استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق الاستقرار السعري والوصول إلى مستهدف التضخم على المدى المتوسط والطويل.
ومن المقرر أن تتجه البنوك المحلية إلى خفض الفائدة بنفس التراجع الذي نهجه ” المركزي” حيث أعلن بنكا الأهلي ومصر الحكوميين مساء اليوم الخميس عن عقد لجنة “الأصول والخصوم” يوم الأحد المقبل، لمراجعة وتحديد أسعار الفائدة على الشهادات ومنتجات البنكين وذلك عقب قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اليوم خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض. كما من المقرر أن تناقش اللجان المختصة بالبنوك تأثير قرار البنك المركزي على خريطة الأوعية الادخارية بكل منها،، بما يتماشى مع توجهات السوق وتعزيز جاذبية منتجات البنوك الادخارية والاستثمارية. ويُنتظر أن تحدد البنوك الأحد المقبل، موقفها من خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار الثلاثية والودائع، في ظل المنافسة القوية بين البنوك المحلية على جذب السيولة، خاصة بعد قرار المركزي المصري.